كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

بمكة أو جاء معتمرًا نزل عند أمية، وكان سعد (رضي الله عنه) بعد أن وصل إليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم في هجرته ذهب معتمرًا إلى مكة ونزل عند أمية بن خلف، فقال له: انظر لي وقتًا يكون البيت ليس عنده أحد لأطوف. فراح به منتصف النهار ليطوف ببيت الله الحرام، فرآه أبو جهل يطوف فقال: من هذا؟ قال: أنا سعد بن معاذ. قال: تطوف بالبيت آمنًا وأنتم آويتم محمدًا وأصحابه؟! فقال له سعد: والله إن منعتني من مكة لأمنعنك مُتَّجرك إلى الشام!! ورفع صوته، وقال له أُمية بن خلف: يا سعد لا ترفع عليه صوتك!! هذا سيد أهل الوادي، فغضب سعد وقال لأمية: لقد سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنهُمْ قَاتِلُوكَ»، فجزع أمية جزعًا شديدًا لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقًّا، ورجع إلى امرأته فقال: يا أم صفوان أما سمعتِ ما قال أخي اليثربي؟! قالت: ماذا قال؟ قال: إنه سمع محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول: إنه قاتلي، فقالت: والله ما يكذب محمد صلى الله عليه وسلم. هم مع كفرهم وعنادهم يعلمون أنه لا يكذب!! فلما تهيؤوا للنفير أراد أمية أن يتخلَّف، فجاءه أبو جهل وقال: يا أبا صفوان أنت من سادة أهل الوادي إذا تخلفت تخلف الناس، فلا بد أن تذهب، فلم يزل به حتى ذهب (¬١).
وقال بعضهم (¬٢): جاءه عقبة بن أبي معيط بطيب ومجمر فقال له: تَبَخَّرْ بهذا فإنما أنت من النساء! فلم يزالوا به حتى خرج، وخرجوا مُوعِدِين للحرب، لم يبق من سادات قريش وقادتها أحد إلا
---------------
(¬١) البخاري، كتاب المغازي، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يُقتل ببدر. حديث رقم: (٣٩٥٠) (٧/ ٢٨٢). وطرفه في (٣٦٣٢).
(¬٢) البداية والنهاية (٣/ ٢٥٨).

الصفحة 497