كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

لم يشهد بدرًا أحد منهم مع الكفار (¬١).
بعد ذلك كان للأخنس بن شريق شرف في بني زهرة، وهو حليف لهم، أصله من بني ثقيف، وابنه أبو الحكم بن الأخنس هو الذي قتل عبد الله بن جحش المُجَدَّع يوم أُحد كما تقدم في تفسير سورة آل عمران، وعندما جاءوا ونزلوا وراء الكثيب وراء العقنقل بالعدوة القصوى من بدر كان النبي صلى الله عليه وسلم نزل بواد فيه دهس ورمل تسوخ فيه الأقدام من وراء عدوة بدر الدنيا التي تلي المدينة، وكان أولئك نزلوا وراء العقنقل -الكثيب الكبير- فأرسل الله مطرًا تلك الليلة التي وقعة بدر من صبيحتها، وكانت ليلة الجمعة، وهي الليلة السابعة عشرة من رمضان عام اثنين من الهجرة، فكان المطر الذي نزل على رسول الله وأصحابه واقعًا موقعه؛ لأن المحل الذي كانوا فيه كان الوادي فيه دهس؛ يعني: رمل تسوخ فيه الأقدام، وكانوا في عطش، وناموا تلك الليلة؛ لأن الله سلط عليهم النعاس كما هو أحد التفسيرين على ما سيأتي في قوله: {إِذْ يُغَشيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} [الأنفال: الآية ١١] فجاءهم الشيطان ووسوس لهم وسوسة ثقلت على بعض الصحابة ثِقلاً شديدًا، فقال لهم: أنتم تقولون إنكم على الحق -هذه وسوسة إبليس التي أثر عليهم بها- أنتم تقولون إنكم على الحق، وفيكم نبيُّ الله، وأنتم في عطَش، وعليكم الجنابة لا تجدون ماء تغتسلون به، فسيجهدكم العطش حتى إذا علم القوم أن العطش قطع أعناقكم جاءوكم فقتلوا من شاءوا، وأخذوا مَنْ شاءوا، فأرسل الله المطر حتى سال الوادي فاغتسلوا من الجنابة، وتطهروا وشربوا وسقوا دوابهم، وثَبَّتَ لهم المطر الأرض الدهسة، حتى صار المشي عليها
---------------
(¬١) المصدر السابق ص٦٥٧.

الصفحة 499