كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ليس فيه كلفة عليهم، وكانت العدوة القصوى التي بها الكفار لما جاءها المطر كان بها وحل -أي طين- تسوخ به الأقدام، فلم يقدروا على الرحيل منها في ذلك الوقت، ثم بعد ذلك لما خرجوا وجاءوهم متصوبين من الكثيب الكبير العقنقل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول الليلة التي من صبيحتها بدر أرسل طائفة من أصحابه فيهم علي، والزبير بن العوام (رضي الله عنهم) فوجدوا واردة لقريش، منهم غلام لمنبه ونبيه ابني الحجاج من بني سهم وغيرهم فأخذوهم فجاءوا بهم والنبي يصلي صلى الله عليه وسلم والصحابة (رضي الله عنهم) كانوا
يحبون أن تكون الراوية الواردة لأبي سفيان؛ لأنهم يحبون العير ويكرهون النفير، كما قال تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: الآية ٧] فإذا قالوا لهم: أين أبو سفيان؟ قالوا: لا علم لنا بأبي سفيان، ولكنا مع قريش: فلان بن فلان .. ، ويعدّون لهم سادات قريش: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود، ومنبه ونبيه ابني الحجاج، وغير ذلك من صناديد قريش، فإذا قالوا لهم هذا ضربوهم، فإذا ضربوهم تخلصوا منهم وقالوا: نحن واردة أبي سفيان. فإذا قالوا ذلك تركوهم! حتى انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته وقال: «إذَا صَدَقُوكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ، وإذا كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ؟! واللهِ إنَّهُمْ لَوَارِدَةُ الجَيْشِ»، وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم: «كم عددهُم»؟! فقالوا: كثير ولا ندري عددهم. فقال: «كم يَنْحَرُون؟» قالوا: يومًا عشرًا من الإبل، ويومًا تسعًا، قال: «القَوْمُ ما بين التِّسْعِمِائَةِ والأَلْفِ» وهو كما قال صلى الله عليه وسلم. قال: «مَنْ فِيهم؟» فعدّوا صناديد قريش وأشرافها فذكروا أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وحكيم بن

الصفحة 500