كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

حزام، وزمعة بن الأسود، وأبا البختري، وعمرو بن عبد وُدٍّ، وذكروا جميع سادة قريش وقادتها، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ مَكَّةُ رَمَتْكُمْ بِأَفْلَاذِ كَبِدِهَا» (¬١).
وقد أرسل القوم عمير بن وهب الجمحي (رضي الله عنه) وهو في ذلك الوقت كافر مع الكفار، وقالوا له: اذهب فاحزر لنا القوم، فجاءهم عمير وقال لهم: حزرت القوم فوجدتهم ثلاثمائة يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، ولكن أنظروني أنظر هل للقوم كمين؟ فركب فرسه وجال في الوادي حتى أبعد ورجع إلى قومه فقال: والله ما لهم كمين، وقال لهم: والله لا يُقتل رجل منهم حتى يَقْتُل رجلاً منكم، والله لقد رأيت نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، رأيت البلايا تحمل المنايا، فالرأي عندي أن ترجعوا عن هؤلاء. فسمع كلامه حكيم بن حزام بن خويلد (رضي الله عنه) فجاء إلى عتبة وقال له: قريش لا تطلب عند محمد صلى الله عليه وسلم شيئًا إلا ثأر عمرو بن الحضرمي -الذي قُتل في سرية نخلة- وهو حليفك، فتول أمره وارجع بقريش، فقال عتبة بن ربيعة: هو حليفي، وعليَّ جبنها وعَقْلُ حليفي عليَّ، وارجعوا من هنا، ولا حاجة لكم بقتال محمد وأصحابه، فاتفق رأي حكيم، وعمير بن وهب، وعتبة بن ربيعة على رجوع القوم. فقال عتبة بن ربيعة لحكيم: الصواب أنه نرجع ولكن انظر إلى ابن الحنظلية -يعني أبا جهل- فلما جاءه من عند عتبة وقال له: إن عتبة يقول لك إنه حمل عقل صاحبه، وحمل جبنها، فارجع بالناس فقال أبو جهل: انتفخ سَحَرُ عتبة من الجبن -والسَّحَر: الرئة، هم يقولون: إن الإنسان إذا اشتد خوفه انتفخت رئته في صدره فملأت
---------------
(¬١) المصدر السابق ص٦٥٤ - ٦٥٥.

الصفحة 501