كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

صدره، كذا قال- فغضب عند ذلك عتبة وقال: سيعلم مصفر استك غدًا من الجبان! وأمر أبو جهل -قبحه الله- عامر بن الحضرمي أخا عمرو بن الحضرمي أن ينشد ثأره، فقام عامر بن الحضرمي وقال: واثأراه، واعَمْرَاه، فاحتدم الناس للقتال، وأفسد أبو جهل كل ما أراد عتبة وحكيم وعمير أن يصلحوه (¬١)، فلما وقع ذلك قال بعض المؤرخين (¬٢):
أول قتيل قُتل من الكفار قبل المبارزة: الأسود بن عبد الأسد، جاء وأراد أن يقتحم الحوض الذي بناه صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه سبقوا إلى بدر، وأقام النبي صلى الله عليه وسلم عند أول قليب فجاءه الحُباب بن المنذر بن الجموح (رضي الله عنه) وقال له: يا نبي الله إن كان هذا وحيًا من الله فلا ينبغي لنا أن نتقدمه ولا أن نتأخر عنه، وإن كان الرأي والحرب والمكيدة فلنا منه حول. فقال: «بَلْ هُوَ الرَّأْيُ والحَرْبُ والمَكِيدَةُ». قال: الأصلح في ذلك أن نذهب إلى أقرب قليب من القوم ونُغَوِّر جميع القُلُب، ونترك ذلك القليب ونبني عليه حوضًا، ونلقي فيه الأواني، فإن غلبنا القوم: شربنا ومنعناهم من الماء، وإن غلبونا قدرنا على أن نشرب (¬٣).
فذلك الحوض لم يشرب منه أحد إلا مات، إلا حكيم بن حزام جاء الأسود هذا ليشرب منه فقتله حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) ثم إنه لما احتدم القتال جاء صلى الله عليه وسلم وصف أصحابه للقتال، وبُني له
---------------
(¬١) دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٦٤)، وانظر المصدر السابق ص٦٦١ - ٦٦٣.
(¬٢) انظر: السيرة لابن هشام ص٦٦٣ ..
(¬٣) رواه الحاكم (٣/ ١٢٦، ١٢٧)، وأورده ابن هشام في السيرة.

وكذا الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٦٧). وضعفه الألباني في تعليقه على فقه السيرة ص٢٤٠.

الصفحة 502