كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

عريش (صلوات الله وسلامه عليه)، وكان في العريش هو وأبو بكر، وسعد بن معاذ متوشحًا سيفه في قوم من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وصف الصفوف ورجع للعريش يهتف بربه ويناديه: «رَبِّ أَنْجِزْ مَا وَعَدْتَنِي، رَبِّ أَنْجِزْ مَا وَعَدْتَنِي»، فلما نظر إلى قريش مُتَصَوِّبَة من كثيب بدر من العقنقل الكبير فإذا هم ألف مقاتل، وإلى أصحابه فإذا هم نيف وثلاثمائة رجل هتف [صلى الله عليه وسلم] (¬١) بربه، وألح في مسألة رَبِّهِ والاستغاثة به كما يأتي في تفسير قوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} [الأنفال: آية ٩] فصف صلى الله عليه وسلم الصفوف فلما جاء القوم برز عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، وولده الوليد بن عتبة بن ربيعة -وربيعة: ابن عبد شمس بن عبد مناف- برزوا للقتال، فبرز لهم نفر من الأنصار، وقالوا إنهم: معاذ ومعوذ ابنا الحارث، وهما المعروفان بـ (ابني عفراء)، أمهما (عفراء) اشتهرا بها؛ لأن أولاد الحارث الثلاثة -وهم: عوف، ومعوذ، ومعاذ- اشتهروا بالنسبة إلى أمهم عفراء (رضي الله عن الجميع) قال بعض المؤرخين: قال العبشميون للأنصار: لا حاجة لنا بقتالكم إنما نريد بَنِي عَمِّنَا مِنْ قريش. وقال بعض المؤرخين: قالوا: أكفاء كرام، ولكنا نريد بني عمنا. فطلبوا مبارزين من بني عمهم، فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف -وهو أسن أهل بدر جميعًا، وقد شهد بدرًا أخواه، وهما: الحصين والطفيل، شهدها من بني الحارث بن المطلب ثلاثة: عبيدة بن الحارث أحد المبارزين، وأخواه: الطفيل والحصين- قال: قم يا عبيدة بن
---------------
(¬١) في الأصل: (جل وعلا). وهو سبق لسان.

الصفحة 503