كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وأعط كل رجل لقريبه فليقتله؛ ليعلم الله أن لا هوادة بيننا وبين الكفار. قال بعضهم: وقال عبد الله بن رواحة: إنك في واد كثير الحطب فأضرم عليهم نارًا. قالوا: والنبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره المؤرخون قال: «إن أبَا بَكْرٍ قالَ كَمَا قال عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: الآية ١١٨]، وإنَّ عُمَرَ قَالَ كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس: الآية ٨٨] وَإِنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ قالَ كَمَا قَالَ نُوحٌ: {رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ (٢٦) إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} [نوح: الآيتان ٢٦، ٢٧]» فاستقر أمره على أنهم يأخذونهم ليستعينوا بفدائهم على الحرب؛ لأنهم كانوا يحتاجون إلى المال (¬١).
وقال بعض المؤرخين: إن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: خَيِّر أصحابك أن يقتلوهم أو يفدوهم ويستعينوا بالمال على أن يُقتل منهم قدر الأُسارى في العام القادم. وأنهم قالوا: نستعين بالمال الآن وينال الشهادة منا هذا العدد في العام القادم (¬٢). فكر بعضهم هذا، وأنه قُتل
---------------
(¬١) أحمد (١/ ٣٨٣) وابن أبي شيبة (٥/ ٤١٧)، وعبد الرزاق (٥/ ٢٠٨)، والترمذي في الجهاد، باب ما جاء في المشورة، حديث رقم: (١٧١٤) (٤/ ٢١٣)، وأخرجه في موضع آخر، انظر الحديث رقم: (٣٠٨٤)، والحاكم (٣/ ٢١)، وابن أبي حاتم (٥/ ١٧٣١)، والبيهقي في الدلائل (٣/ ١٣٩) .. وذكره السيوطي في الدر (٣/ ٢٠١) وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه.
(¬٢) أخرجه الترمذي في السير، باب ما جاء في قتل الأُسارى والفداء. حديث رقم: (١٥٦٧) (٤/ ١٣٥)، والنسائي في الكبرى، كتاب السير، باب قتل الأسرى. حديث رقم: (٨٦٦٢) (٥/ ٢٠٠)، والبيهقي في السنن (٩/ ٦٨)، وفي الدلائل (٣/ ١٣٩)، والحاكم (٢/ ١٤٠) وقال: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» اهـ. ووافقه الذهبي. وابن حبان (الإحسان ٧/ ١٤٣) عن علي (رضي الله عنه). وقال ابن كثير (٣/ ٢٩٨) «غريب جدًّا» اهـ.
وأخرجه عبد الرزاق (٥/ ٢١٠)، وابن سعد (٢/ ١٤) عن عبيدة مرسلاً.

الصفحة 512