كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

منهم سبعون يوم أحد لما أسروا السبعين هذه. هكذا قاله بعض المؤرخين، والذي جاء به القرآن أن الذين رأوا أن يقتلهم ويضعفوا شوكة الكفر بقتلهم أن رأيهم كان هو الصواب، وأن الله تعالى تجاوز لأهل بدر ولو ارتكبوا غير ذلك، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفال: الآية ٦٧] ومعنى: {يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} أي: يوجع فيها قتلاً ليضعف شوكة الكفر بقتل الرجال وقتل الصناديد والرؤوس، ثم قال: {لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨)} [الأنفال: الآية ٦٨] ثم بعد ذلك قال: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا} [الأنفال: الآية ٦٩].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: «افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَيْ أَخَوَيْكَ: عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَنَوْفلَ بْنَ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ». فقال: لا مال عندي. قال له صلى الله عليه وسلم: «عِنْدَما أَرَدْت الخُروج أَخَذْتَ المَالَ الفُلَانِيَّ ودَفَنْتَهُ فِي محلِّ كَذا وقُلْتَ لأُمِّ الفَضْلِ: إِنْ لَمْ أَرْجِعْ فَاسْتَعِينُوا بِهَذا». فقال: والله لا يعلم هذا غيري وغير أم الفضل، وأشهد أنك رسول الله. وفدى نفسه وابني أخويه وحليفًا له (¬١).
---------------
(¬١) أخرجه الحاكم (٣/ ٨١) وقال: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» اهـ ووافقه الذهبي. والبيهقي في الدلائل (٣/ ١٤٣)، وفي السنن (٦/ ٣٢٢)، وأبو نعيم في الدلائل (٢/ ٢٧١)، والواحدي في أسباب النزول ص ٢٤١. وذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٩٩) وعزاه لابن إسحاق. وذكره السيوطي في الدر (٣/ ٢٠٤).

الصفحة 513