كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وأنزل الله فيه -مع أنها في الأُسارى كلهم، إلا أن المفسرين يجعلونها في العباس؛ لأنه من أشهر من نزلت فيه-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: الآية ٧٠] (¬١) فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم مال البحرين وجاء العباس وقال: يا نبي الله فاديت نفسي وعقيلاً. فقال له: «خُذْ مِنْ هَذَا الذَّهَبِ». فهال منه العباس في ثوبه حتى أراد أن يقوم فَنَاءَ به ولم يقدر أن يقوم، فطلب أحدًا يساعده، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُسَاعِدُكَ أَحَدٌ، وَلَا تَحْمِلْ مِنْهُ إِلَاّ قَدْرَ مَا تَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهِ». فهال منه عن ثوبه حتى قدر على حمله (¬٢)
ثم قال: «أما أحد الأمرين فقد عايناه، وهو: {إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} فقد آتانا خيرًا مما أُخذ منا، وأما الثانية وهي قوله: {يَغْفِرْ لَكُم} فإنا نرجوها من الله جل وعلا» (¬٣).
وفي ذلك اليوم استُشهد وقُتل من أصحاب رسول الله شهيدًا يوم بدر أربعة عشر رجلاً (¬٤)، ستة من المهاجرين، والبقية من الأنصار، ستة منها من الخزرج، واثنان من الأوس. فشهداء بدر:
---------------
(¬١) جاء ذلك صريحًا في سياق الرواية المخرجة في الهامش السابق. وقد أورد ابن جرير (١٤/ ٧٢ - ٧٥) جملة من الروايات في هذا المعنى، وكذا ابن كثير (٢/ ٣٢٧)، والسيوطي في الدر (٣/ ٢٠٤ - ٢٠٥).
(¬٢) خبر مجيء المال من البحرين وأخذ العباس منه أخرجه البخاري في الصلاة، باب القسمة وتعليق القنو في المسجد. حديث رقم: (٤٢١) (١/ ٥١٦) .. وأخرجه في موضعين آخرين، انظر الأحاديث رقم: (٣٠٤٩، ٣١٦٥).
(¬٣) مضى تخريجه قريبًا.
(¬٤) السيرة لابن هشام ص ٧٤٦.

الصفحة 514