كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

المداولات في بدر ما كان بين حسان وبين الحارث بن هشام (رضي الله عنه) أخي أبي جهل بن هشام؛ لأن حسان دائمًا يُعيِّر الحارث بن هشام بفراره يوم بدر، وقتل إخوانه، وبقاء أخيه طريحًا في الملحمة -أعني أبا جهل قبحه الله- وكان حسان (رضي الله عنه) ذكر تَمَثُّل إبليس لهم في أبيات قال -يعني تمثل إبليس في صورة سراقة بن مالك- قال في ذلك (¬١):
سِرْنَا وسَارُوا إلى بدر لِحينِهمُ ... لو يَعْلَمُونَ يَقينَ الأَمْرِ ما سَارُوا
دَلَاّهُمُ بغرورٍ ثم أَسْلَمَهُم ... إن الخَبِيثَ لمن والاهُ غَرَّارُ
وقال إني لكم جَارٌ فَأَوْرَدَهُم ... شَرَّ المَوَاردِ فيه الخِزْيُ والعَارُ

وكان حسان (رضي الله عنه) يذكر في أشعاره بدرًا، له فيها قصائد، وفيها لحمزة بن عبد المطلب وغيرهم من الصحابة، وفيها لجماعة من قريش، منهم ابن الزبعرى، ومنهم ضرار بن الخطاب الفهري وغير ذلك، وكان حسان (رضي الله عنه) قال (¬٢):
لَقَدْ عَلِمَتْ قُريشٌ يومَ بدرٍ ... غَداةَ الأَسْرِ والقَتْلِ الشَّدِيدِ
بأنَّا حينَ تشْتَجِرُ العَوَالي ... حُمَاةُ الحرب يومَ أبي الوليدِ
قَتَلنا ابني ربيعةَ يومَ سارُوا ... إلينا في مضاعَفَةِ الحديدِ
ومرَّ بها حكيمٌ يومَ جَالَتْ ... بنُو النجارِ تخطرُ كالأُسودِ
وَوَلَّتْ عند ذاكَ جموعُ فِهْرٍ ... وأَسْلَمَها الحويرثُ من بعيدِ

الحويرث: يعني الحارث بن هشام؛ لأنه ينكد عليه في شعره دائمًا، كقوله هنا:
وأَسْلَمَهَا الحويرثُ من بعيد
---------------
(¬١) الأبيات في السيرة لابن هشام ص٧٠٦.
(¬٢) ديوانه ص٨٧ - ٨٨.

الصفحة 518