كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

اللهُ يعلمُ ما تركتُ قتالَهُم ... حتى رموا فَرسي بأَشْقَرَ مُزْبد ...
وعَلمتُ أني إنْ أُقَاتِلْ واحدًا ... أُقْتَلْ ولا يَضْرُرْ عَدُوي مَشْهدي ...
فَصَدَدْتُ عنهم والأَحِبَّةُ فيهم ... طمعًا لهم بقتال يوم مُرْصِدِ

هذا هو المخزومي الأول، والمخزومي الثاني: هبيرة بن أبي وهب، زوج أم هانئ بنت أبي طالب (رضي الله عنها)، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة عام ثمان هرب هبيرة بن أبي وهب المخزومي إلى نجران ومات بها كافرًا - والعياذ بالله - وكان يعتذر عن فراره من رسول الله وأصحابه يوم الفتح، ويخاطب زوجه أم هانئ بنت أبي طالب (رضي الله عنها):
لَعَمْرُكِ مَا وَلَّيْتُ ظَهْرِي مُحَمَّدًا ... وَأَصْحَابَهُ جُبْنًا وَلَا خِيفَةَ القَتْلِ ...
وَلَكِنَّنِي قَلَّبْتُ أَمْرِي فَلَمْ أَجِدْ ... لِسَيْفِي غَنَاءً إِنْ ضَرَبْتُ وَلَا نَبْلِي ...
وَقَفْتُ فَلَمَّا خِفْتُ ضَيْعَةَ مَوْقِفِي ... رَجَعْتُ لِعَوْد كالهِزَبْرِ أَبِي الشِّبْلِ (¬١)

فهذا اعتذاره كاعتذار الحارث بن هشام.
ولما أخذ صلى الله عليه وسلم الغنائم، ومكث في عرصة بدر ثلاثة أيام، ورجع قافلاً إلى المدينة، وأرسل ابن رواحة إلى العوالي يبشرهم، وزيد بن حارثة إلى أهل المدينة يبشرهم بما فتح الله على نبيه (¬٢)، لما نزل وادي الصفراء راجعًا قدَّم النضر بن الحارث للقتل (¬٣) -النضر بن الحارث بن كلدة العبدري، وكان من بني عبد الدار، وكان شديد
---------------
(¬١) مضى عند تفسير الآية (٤٨) من سورة الأعراف، ولفظ البيت الثالث عند ابن هشام:
وقفتُ فلما لم أجد لي مُقدَّمًا ... صدرتُ كضرغَامِ هِزَبرٍ أبي شِبلِ
(¬٢) السيرة لابن هشام ص٦٨٢.
(¬٣) السابق ص٦٨٤.

الصفحة 520