كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

العداوة لرسول الله، له قينتان تغنيانه بهجاء رسول الله- قدمه للقتل فقُتِلَ صَبْرًا، ولم يُقتل من الكفار في وقعة بدر صبرًا إلا رجلان: النضر بن الحارث هذا، وعقبة بن أبي معيط، قتل أولاً النضر بن الحارث في قُفوله في وادي الصفراء؛ فلما بلغ موضعًا آخر بعده يقولون: إن اسمه عرق الظبية قدم عقبة بن أبي معيط فقتله أيضًا (¬١)، ولما قَتَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم النَّضْرَ بن الحارث بن كلدة العبدري -قبحه الله- الذي سيأتي خبره في قوله في هذه السورة الكريمة: {وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ} [الانفال: آية ٣٢] يأتي خبره في هذه السورة، وفي سورة الروم، وفي سورة المعارج -سورة (سأل سائل) - لما قتله صلى الله عليه وسلم صبرًا وبلغ مقتله إياه بلغ أخته قتيلة بنت الحارث العَبْدَرِيَّة وقد أسلمت بعد ذلك وصارت صحابية (رضي الله عنها) أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شعرها المشهور، الذي لما قُرئ عليه صلى الله عليه وسلم بكى حتى أَخْضَلَ الدمع لحيته لشدة رحمته وشفقته، وذكروا أنه قال: لو بلغني شعرها قبل أن أقتله لعفوت عنه (¬٢).
لأنه رؤوف رحيم (صلوات الله وسلامه عليه)، وكان شعرها الذي أرسلت إليه به الذي أبكاه صلى الله عليه وسلم وقال: لو بلغه قبل أن يقتله لعفى عنه. هو قولها (¬٣):
يا راكبًا إن الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... من صُبحِ خامسةٍ وأَنْتَ موفَّقُ
أبلغْ بها مَيْتًا بأن تحيةً ... ما إن تزالُ بها النجائبُ تَخْفِقُ
مني إليكَ وعبرةً مسفُوحةً ... جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وأُخْرى تخنُقُ
---------------
(¬١) السابق.
(¬٢) ذكره ابن هشام في السيرة ص٨٠٣.
(¬٣) السابق ص ٨٠٢ - ٨٠٣.

الصفحة 521