كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

أن يذل دين الكفر، ويقتل صناديده، ويعز دين الإسلام، ويعلي كلمته.
وقال بعض العلماء: كلماته التي يريد أن يحق بها حقه هي الكلمات التي وعد فيها بالنصر يوم بدر، والله (جل وعلا) وعد بالنصر يوم بدر في آيات من كتابه على ما قاله جماعة من المفسرين، منها في الدخان، ومنها في السجدة، ومنها في غير ذلك؛ لأن جماعة من أهل العلم قالوا: إن الله في سورة الدخان بشر بقصة بدر مع أن سورة الدخان مكية نازلة قبل الهجرة. قال غير واحد من كبار العلماء: قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} هو بطشه بنفير قريش يوم بدر على أيدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والملائكة {إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: الآية ١٦] أي: من سادة الكفرة يوم بدر بما فعلنا بهم (¬١). وقالت هؤلاء الجماعة: هو العذاب الأدنى في السجدة في قوله: {وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى} [السجدة: الآية ٢١] قالوا: هو عذاب النفير يوم بدر كما سلط الله عليهم رسوله وأصحابه فقتلوا منهم وأسروا (¬٢).
وقال بعض العلماء هو: اللزام؛ لأنه عذاب دنيوي يلازمه عذاب الآخرة في كونه لزامًا (¬٣).
ولا شك أن سورة القمر من القرآن النازل في مكة قبل وقعة بدر، وعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه ما كان يعلم شيئًا عن معنى قوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)} ويقول: من هذا الجمع
---------------
(¬١) انظر: ابن كثير (٤/ ١٤٠).
(¬٢) المصدر السابق (٣/ ٤٦٢).
(¬٣) المصدر السابق (٣/ ٣٣٠).

الصفحة 526