كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

المهزوم الذين يولون الدبر؟! ولم يفهم معنى الآية إلا يوم بدر لما كشف الله المشركين ونصر نبيه صلى الله عليه وسلم فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في درعه ويقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)} (¬١) [القمر: الآية ٤٥] وعند ذلك عرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن آية {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)} وإن كانت من سورة القمر وهي من القرآن المكي النازل بمكة قبل الهجرة بلا خلاف أن الله وعد فيها في مكة نصر المؤمنين على الكفار يوم بدر، قالوا: فهذه كلمات الله التي وعد بها نبيه أن ينصره فحق الحق وأنجز وعده، كما قال هنا: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}.
وقوله تعالى: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} الدابر: الآخِر. وإذا كان جماعة يمشون فالذي يمشي وهو الآخر منهم تسميه العرب: دابرًا؛ لأنه يمشي عند دبر مَنْ قُدَّامه، والعرب تعبر به عن الآخر، ويقولون: «قطع الله دابرهم». معناه: أهلكهم واسْتَأْصَلَهُم ولم يُبْقِ مِنْهُمْ أحَدًا، هذا معنى قطع الدابر وأصله لغة {وَيَقْطَعَ دَابِرَ
---------------
(¬١) خبر وثوبه صلى الله عليه وسلم في الدرع وقراءته الآية ثابت في الصحيح، كتاب التفسير، باب: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} حديث رقم: (٤٨٧٥) (٨/ ٦١٩). وأخرجه في مواضع أخرى، حديث رقم: (٢٩١٥، ٢٩٥٣، ٤٨٧٧)، وأما أثر عمر فقد أخرجه ابن جرير (٢٧/ ١٠٨) عن عكرمة، كما أخرجه ابن أبي شيبة (١٤/ ٣٥٧)، وابن أبي حاتم (١٠/ ٣٣٢١) عن عكرمة مرسلاً. وعزاه في الدر (٦/ ١٣٧) لعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن راهويه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. كما أخرجه الطبراني في الأوسط (٩/ ٥٨) من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه)، وأورده السيوطي في الدر (٦/ ١٣٦) وعزاه لابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه. كما أخرجه الطبراني في الأوسط (٤/ ١٤٥) من حديث أنس رضي الله عنه.

الصفحة 527