كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ذلك الوقت من خصائص خالق السماوات والأرض (جل وعلا)، فلا يجوز صرفه لغيره كائنًا من كان، وأوضح الله لنا هذا إيضاحًا شافيًا في آيات كثيرة من كتابه، من أوضح تلك الآيات: آيات سورة النمل، لأنه إيضاح لا لَبْسَ فيه كهذا النهار؛ لأن الله يقول: {ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا تُشْرِكُونَ} [النمل: الآية ٥٩] وفي القراءة الأخرى: {أَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬١). ثم شرع تعالى يُعدد خصائص ربوبيته التي لا حق فيها لغيره ألبتة فقال: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} الجواب: لا {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} ثم ذكر خاصية أخرى من خصوص الربوبية فقال: {أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١)} الجواب: لا إله مع الله. ثم قال: وهو محل الشاهد: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} [النمل: الآيات ٦٠ - ٦٢] الجواب: لا والله، فهذه توضح ما وضَّحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله أن مَنْ ألجأته الكروب واضطرته النوائب والزلازل أنه لا إله مع الله في ذلك الوقت يرفع إليه ذلك إلا خالق السماوات والأرض؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت الضنك، والموقف الحرج، رفع ذلك الالتجاء إلى خالقه (جل
[٢/ب] وعلا)، وأثنى الله عليه في ذلك، وأجابه بمدد السماء ملائكة منزلين [وهكذا شأن] (¬٢) / الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم)
---------------
(¬١) انظر: المبسوط لابن مهران ص٢٣٤.
(¬٢) في هذا الموضع مسح في التسجيل. وما بين المعقوفين [ ... ] زيادة يتم بها الكلام.

الصفحة 532