كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

النقع (¬١)، والنقع: الغبار الذي يكون على الثَّنِيَّتَيْن من أسنان الرجل فيكون عليها.
قال بعض العلماء: نزل جبريل في خمسمائة من الملائكة على الميمنة وفيهم أبو بكر، ونزل ميكائيل في خمسمائة من الملائكة على الميسرة وفيهم علي (¬٢). والأظهر أن المدد يوم بدر كان أكثر من ألف كما قدمناه في سورة آل عمران؛ لأن أصح القولين أن المدد من الملائكة المذكور إلى خمسة في آل عمران أنه في بدر، وأن قول من قال: إنه وُعد به في أُحد والصحابة لم يفوا بالشرط.
أن ذلك خلاف الظاهر وخلاف التحقيق؛ لأن الله قال في سورة آل عمران مشيرًا إلى وقعة بدر هذه التي بَسَطَهَا وشرحها في الأنفال مشيرًا إلى النصر بالملائكة والإمداد بهم: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: الآيتان ١٢٣، ١٢٤] والتحقيق: إذ تقول لهم يوم بدر لما أمدكم الله بالملائكة: {أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)} [آل عمران: الآيتان ١٢٤، ١٢٥] والقصة هذه المذكورة في آل عمران هي قصة بدر هذه المذكورة في الأنفال والسياق واحد كما ترى؛ لأنه قال في الأنفال: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَاّ
---------------
(¬١) هذا الحديث أورده ابن هشام في السيرة ص٦٦٦، وابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٧٦)، وقد أورده السيوطي في الدر (٣/ ١٨٨) وعزاه لابن إسحاق وابن المنذر.
(¬٢) أورد ابن كثير في تفسيره (٢/ ٢٩٠) والبداية والنهاية (٣/ ٢٧٥) في هذا المعنى أثرًا عن ابن عباس (رضي الله عنهما) من طريق علي بن أبي طلحة.

الصفحة 536