كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (١١)} [الأنفال: الآية ١١].
{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} في هذا الحرف ثلاث قراءات سبعيات (¬١): قرأه ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} مضارع غشَّاه يُغَشِّيه. ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤)} [النجم: الآية ٥٤]. وقرأه نافع وحده من السبعة: {إذ يُغْشِيكُم النعاس} مضارع أغشى يُغشي، من قوله: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: الآية ٩]. وقرأه ابن كثير، وأبو عمرو: {إذ يَغْشَاكم النعاسُ أمنة منه}.
فعلى قراءة نافع: (النعاس) منصوب مفعول: {يُغْشِيْكُم} وكذلك هو على قراءة ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ} هو مفعول {يُغَشِّيكُمُ} ولا فرق بين قراءتهم وبين قراءة نافع، إلا أن الفعل على قراءتهم مُعدّى بالتضعيف، وعلى قراءة نافع مُعدّى بالهمزة، والتعدية بالهمز والتضعيف معروفان متساويان، أما على قراءة ابن كثير، وأبي عمرو: {إذ يَغْشَاكم النعاسُ أَمَنَةً مِنْهُ} (النعاسُ) مرفوع، فاعل {يغشاكم} (¬٢) وقد جاء النعاس فاعلاً -كقراءة أبي عمرو، وابن كثير هنا جاء ذلك- في سورة آل عمران في قوله: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى} [آل عمران: الآية ١٥٤] أي: النعاس {طَآئِفَةً مِّنكُمْ} كما قال هنا: {إذ يَغْشَاكم النعاسُ أمنة منه} النعاس: معروف، وهو أوائل النوم.
---------------
(¬١) انظر المبسوط لابن مهران ص٢٢٠.
(¬٢) انظر حجة القراءات ص٣٠٨.

الصفحة 543