كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

هذا (¬١)!!
فأنزل الله مطرًا من السماء، وسلط عليهم النوم، فسال الوادي، فاغتسلوا من الجنابة، وشربوا، وسقوا دوابهم، ولبَّد لهم الأرض حتى صارت الخُطا تثبت عليها، والأقدام تثبت عليها ولا تسيخ فيها؛ لأن الرمل المتهائل إذا ضربه المطر اشتد وصار الإنسان يمشي عليه ولا تسوخ قدمه فيه، وإن كان يابسًا صعُب المشي فيه؛ لأن الرِّجْل تسوخ فيه.
وقال بعض العلماء: النعاس الذي غشاهم إياه: بعد أن التحم القتال أصاب المسلمين نعاس يوم بدر كما أصابهم يوم أحد. والله تعالى أعلم (¬٢). {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} [الأنفال: الآية ١١] لأجل الأمن، سواء قلنا: إنه في الليل، أو إنه في النهار وقت التحام الصفين، هذا معنى قوله: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً} هو هذا المطر الذي كنا نذكر خبره الآن.
وقرأه السبعة غير ابن كثير وأبي عمرو: {وَيُنَزِّلُ} بتشديد الزاي وفتح النون. مضارع نَزَّله يُنَزِّله. وقرأه ابن كثير، وأبو عمرو: {ويُنْزِلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} (¬٣) أي: من الجنابة كما طهر باطنكم طَهّر لكم ظاهركم من الجنابة.
{وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} أي: وسوسة الشيطان الذي أثقل عليكم بها: أنكم تصلون بالجنابة، وأنكم عطاش يهلككم العطش فيأخذكم العدو. أذهب عنكم بنزول ذلك الماء. أنزل ذلك المطر
---------------
(¬١) انظر: البداية والنهاية (٣/ ٢٨٢) ..
(¬٢) انظر: الأضواء (٢/ ٣٤٦).
(¬٣) انظر: الإتحاف (٢/ ٧٧).

الصفحة 546