كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ليطهركم من الجنابة، وكل حدث أصغر وأكبر. {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} أي: وسوسته التي كان يوسوس لكم بها.
{وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} حيث أزال عنكم وسوسة الشيطان: أن العطش يُضعفكم، وأن القوم يأخذونكم حيث شربتم من ذلك المطر وتقويتم {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} معناه: يشدها ويقويها حيث أزال وساوس الشيطان التي أثقل عليكم بها.
{وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} يعني: يثبت بالمطر أقدامكم على دهس الرملة؛ لأنها قبل المطر كانت تسوخ فيها الأقدام. وعلى هذا القول أكثر المفسرين. وقال بعض العلماء (¬١): الربط على القلوب وتثبيت الأقدام هنا: الربط على القلوب: هو تثبيت الجأش والشجاعة. وتثبيت الأقدام: هو تثبيتها في الميدان، وأن السبب المُسَبِّب لهذا هو الإمداد بالملائكة. وهذا يبعد من ظاهر القرآن، والذي عليه الجمهور: هو ما ذكرنا أن تثبيت الأقدام هنا تثبيت حسي؛ لأن المطر لبَّد الأرض الدهسة فصارت الأقدام تثبت عليها ولا تسوخ فيها. وهذا معنى قوله: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}.
قال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (١٤) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (١٥) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَاّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)} [الأنفال: الآيات ١٢ - ١٧].
---------------
(¬١) انظر هذا القول والرد عليه في ابن جرير (١٣/ ٤٢٧ - ٤٢٨).

الصفحة 547