كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

عطف كالفاء والواو وثم. والهمزة هنا للإنكار، ومعنى إنكاره على أهل القرى جمعهم بين الكفر به، وتكذيب رسله، وعدم خوفهم من بطشه ونكاله، فهذا يدل على غاية الجهل بالله؛ ولذا قال: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} جمع قرية على غير قياس {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا} أي: يأتيهم عذابنا ونكالنا وإهلاكنا المستأصل، والبأس: العذاب والنكال من الله (جل وعلا) بسبب كفرهم بنا وتكذيبهم لرسلنا.
{أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا} [الأعراف: آية ٩٧] قوله: {بَيَاتًا} أي: ليلاً، والحال: {وَهُمْ نَآئِمُونَ} [أي: في غفلة] (¬١) فيأتيهم في تلك الغفلة {بَأْسُنَا} أي: عذابنا فنهلكهم. وهذا معنى قوله: {بَيَاتًا وَهُمْ نَآئِمُونَ} أي: ليلاً في حال كونهم نائمين. والليل معروف، وهو الذي تشاهدونه من ظلام.
{أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} [الأعراف: آية ٩٨] في هذا الحرف قراءتان سبعيتان: قرأه جماهير القراء غير الحرمِيَّيْنِ والشامي: {أَوَ أمن أهل القرى} بفتح الواو، كأنه تكرير للجملة بما يماثلها. وقرأه الحرميان -أعني: نافعًا وابن كثير- والشامي-أعني ابن عامر-: {أَوْ أمن أهل القرى} بـ (أو) العاطفة، وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان (¬٢).
{أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى} الضحى: هو وقت ارتفاع النهار.
---------------
(¬١) في هذا الموضع كلام غير واضح، وما بين المعقوفين [. . .] زيادة يتم بها الكلام.
(¬٢) انظر: المبسوط لابن مهران ص ٢١٠ - ٢١١.

الصفحة 6