كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

...................... ... وقد تَلَفَّعَ بالقُورِ العَسَاقِيل

لأن الكلام مقلوب؛ لأن (القُور) وهي الحجارة هي التي تتلفع. أي: تلتحف بالعساقيل، وهو السراب، فهو قال: إن السراب يلتحف بالعساقيل. والكلام مقلوب؛ لأن الحجارة هي التي تتلفع بالسراب، وهذا معنى قوله:
........................... ... وقد تَلَفَّعَ بالقُورِ العَسَاقِيل

ومنه قول الآخر (¬١):
......................... ... كما طَيَّنتَ بالفِدَنِ السَّيَاعَا

يعني: كما طينت الفدن بالسياع. أي: طينت القصر بالطين. وهو معروف في كلام العرب بكثرة، ومنه قول الشاعر (¬٢):
نزلت بخَيلٍ لا هوادةَ بينها ... وتشقى الرماحُ بالضَّيَاطِرةِ الحُمر
يعني: وتشقى الضياطرة بالرماح. وهذا النوع من القلب أنكره علماء البلاغة وقالوا: لا يجوز إلا بما تضمن اعتبارًا وسرًّا لطيفًا كقلب التشبيه. فالتشبيه المقلوب يُقلب فيه المشبه مشبهًا به، والمشبه به مشبهًا. قالوا: إنما جاز هذا لنكتة، وهي إيهام أن الفرع أقوى في وجه الشبه من الأصل كقوله (¬٣):
---------------
(¬١) البيت للقطامي، وهو في اللسان (مادة: سيع) (٢/ ٢٥٣)، الأمالي (٢/ ٢١١)، مغني اللبيب (٢/ ٢٠٠)، وصدره: «فلما أن جرى سِمَنٌ عليها».
(¬٢) البيت لخداش بن زهير، وهو في الدر المصون (٥/ ٤٠١)، شواهد الكشاف ص٤٦، والضياطرة: جمع ضيطار، وهو الضخم.
(¬٣) البيت لرؤبة، وهو في شذور الذهب ص٣٢٠، مغني اللبيب (٢/ ٢٠٠).

الصفحة 70