كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠)} [الأعراف: آية ١٢٠].
ومعنى قوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} لما ابتلَعَتِ العصا كل ما في الميدان مما أفكوه واختلقوه من الحبال والعصِي لما ابتلعت العصا ذلك كله قال تعالى: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (١١٨)} رتب على ذلك وقوع الحق بالفاء، قال بعض العلماء: (وقع الحق) معناه: حصل وانثبت. وجماهير المفسرين يقولون: (وقع الحق) هنا معناه: ظهر واستبان واتَّضَحَ، حيث ظهر الحق واستبان واتضح، وبطل الباطل واضْمَحَلَّ، وعُرفت الحقيقة على بابها. والعرب يطلقون الوقوع على الظهور، قال بعضهم: الوقوع في لغة العرب: ظهور الشيء بوروده منحدرًا إلى مستَقَرِّهِ. وعلى كل حال فأكثر العلماء منهم ابن عباس وغيره يقولون: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} أي: ظَهَرَ واسْتَبَان واتَّضَحَ الحق أنه مع نبي الله موسى، وبطل ما كان يعمله السحرة من المخطط في الحبال والعصي.
وهذا معنى قوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (١١٨)} [الأعراف: آية ١١٨].
وكان نبي الله موسى قبل أن يلقي عصاه عالمًا أن سحرهم باطل، وأنه سيُبْطِلُهُ ويَضْمَحِلّ كما جاء عنه في سورة يونس: {فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢)} [يونس: الآيتان ٨١، ٨٢].
{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ (١١٩)} [الأعراف: آية ١١٩] معروف أن (هنالك) إشارة لمكان بعيد، والواو في قوله: {فَغُلِبُواْ} راجع

الصفحة 86