كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
فالإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب هان على صاحبه كل شيء، وصغرت في عينه الأذيّات والتعذيب، ورجا ما عند الله كهؤلاء السحرة.
وقوله هنا: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠)} [الأعراف: آية ١٢٠] هم وقت إلقائهم ساجدين ليسوا بسحرة، بل إنما هم من عباد الله المكرمين المؤمنين الأفاضل، ولكنه سماهم سحرة نظرًا لحالهم الماضية كما سمى البالغين (يتامى) نظرًا لهم في حالهم الماضية في قوله: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: آية ٢] كما هو معروف، وهذا معنى قوله: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠)} أي: لله إيمانًا بالله.
{قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١)} [الأعراف: آية ١٢١] أي: خالق السماوات والأرض وما بينهما؛ لأن (العالمين) تشمل السماوات والأرض وما بينهما، كما قال تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} الآية [الشعراء: الآيتان ٢٣، ٢٤].
{رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)} [الأعراف: آية ١٢٢] الذي أنزل عليهما هذه المعجزة العظيمة الدالة على صدقهما وعلى ربوبيته وحده جل وعلا.
{قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ} قرأ هذا الحرف حفص عن عاصم وحده من السبعة قال: {ءامَنتُم} بلا همزة استفهام على الخبر، وقرأه الجمهور: {ءآمَنتُم به} (¬١) وهم على أصولهم في تسهيل الهمزتين، من يسهل الثانية ويأتي بألف الإدخال، ومن
---------------
(¬١) انظر: المبسوط لابن مهران ص٢١٣.