كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
وكونها دار الله التي يُعذب بها أعداءه، فهذا معنى قوله: {أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ} [الأنفال: الآية ٤٠] وهذه ولاية نصر.
وقد أُطلقت الولاية في القرآن بالنسبة إلى الله (جل وعلا) إطلاقين: أطلق المولى بمعنى الولاية الخاصة، وهي: النصر والتمكين والتوفيق، كقوله هنا: {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ} وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} [التحريم: الآية ٤] وهذا كثير في القرآن؛ ولذا قال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (١١)} [محمد: الآية ١١] أي: لا مولى لهم ولاية نصر وتمكين. وأطلق المولى صادقاً بالكفار؛ لأنها ولاية خلق وقدرة وربوبية وملك، وهو في قوله: {ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ} [الأنعام: الآية ٦٢] وهي في الكفار؛ لأنه مولى الكفار ولاية ملك وتصرّف ونفوذ وقدرة، ومولى المؤمنين ولاية نصر وتمكين وثواب. فهذا معنى قوله: {فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ}.
{نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (نعم) فعل جامد لإنشاء [المدح] (¬١). والتحقيق أنه فعل ماض جامد (¬٢)؛ لأن تاء التأنيث تدخل عليه:
نِعْمتْ جَزَاءُ المتقين الجنَّهْ ... دارُ الأمَانِي والمُنَى والمنّهْ (¬٣)
خلافًا لمن زعم أن (نِعْم) اسم. قالوا: لأن أعرابيّاً قيل له: ولدت امرأتك بنتاً. فقال: ما هي بنعم الولد (¬٤)، فأدخل عليها حرف
---------------
(¬١) في الأصل: «الذم». وهو سبق لسان.
(¬٢) انظر: شرح شذور الذهب ص٢١، ضياء السالك (١/ ٤٠)، (٣/ ٩١).
(¬٣) البيت في شرح شذور الذهب ص٢١.
(¬٤) انظر: ضياء السالك (١/ ص ٤٠)، (٣/ ٩١).