كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
فقال: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟» قالا: لا. فنظر في السيفين وقال: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ» (¬١). وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. قالوا: لو لم يتوقف هذا على تَنْفِيذ الإمام لكان معاذ بن عفراء شريكاً لمعاذ بن الجموح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صرّح بأنهما قتلاه، في أدلة أُخرى غير هذا.
قال علماء الأصول: منشأ هذا الخلاف: خلاف العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ» هل يملكه دون تنفيل الإمام أو لا بد من تنفيل الإمام؟ منشأ الخلاف: هل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ» حكماً منه، أو فتوى (¬٢)؟ فعلى أنه حكم يختص بمن قيل له ولا يعم، وعلى أنه فتوى يعم. وذكروا عن أبي طلحة (رضي الله عنه) أنه في يوم حنين قتل عشرين رجلاً. وفي بعض الروايات: واحداً وعشرين رجلاً، وأخذ أسلابهم كلهم (¬٣). وكان يقول في يوم حنين (¬٤):
أَنَا أَبُو طَلْحَةَ وَاسْمِي زَيْد ... وكل يوم في سِلَاحِي صَيْدُ
---------------
(¬١) البخاري في فرض الخُمس، باب «من لم يخمس الأسلاب ... ». حديث رقم: (١٣٤١) (٦/ ٢٤٦). وأخرجه في موضعين آخرين، انظر الحديثين (٣٩٨٨،٣٩٦٤). ومسلم في الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل. حديث رقم: (١٧٥٢) (٣/ ١٣٧٠ - ١٣٧٢).
(¬٢) انظر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي ص١١٦ - ١١٩، الأضواء (٢/ ٣٩٣).
(¬٣) أحمد (٣/ ١١٤، ١٢٣، ١٩٠، ٢٧٩)، الدارمي (٢/ ١٤٧)، أبو داود، كتاب الجهاد، باب في السلب يُعطى القاتل، حديث رقم: (٢٧٠١) (٧/ ٣٨٨).
(¬٤) البيت في الاستيعاب لابن عبد البر (٤/ ١١٣)، تاريخ دمشق (١٩/ ٣٩٧)، الإصابة (٤/ ١١٣).