كتاب نقد الشعر
وقال بشامة بن عمرو بن الغدير:
هَوَانَ الْحَيَاة وخِزْىَ المَمَاتِ ... وَكُلاً أرَاهُ طعَاماً وَبِيلا
وقالت ليلى الأخيلية: وقَدْ كان مَرْهُوبَ السِّنانَ وَبَيَّنَ الل - سان ومِجْذَامَ السُّرَى غيْرَ فاتِرِ وقال ناهض بن ثومة الكلابي:
صَخُوب الصَّدَى ظمْأَى القطامرَّة السرى ... رَكا ماءَها بين النعام الخرائش
وأكثر الشعراء المصيبين من القدماء والمحدثين قد غزوا هذا المغزى ورموا هذا المرمى، وإنما يحسن إذا اتفق له في البيت موضع يليق به، فإنه ليس في كل موضع يحسن، ولا على كل حال يصلح، ولا هو أيضاً إذا تواتر واتصل في الأبيات كلها بمحمود، فإن ذلك إذا كان، دل على تعمل وأبان عن تكلف.
على أن من الشعراء القدماء والمحدثين من قد نظم شعره كله أو إلى بين أبيات كثيرة منه منهم أبو صخر الهذلي، فإنه أتى من ذلك بما يكاد لجودته أن يقال فيه إنه غير متكلف، وهو قوله:
وتلك هَيْكَلَةٌ خَوْدٌ مُبَتَّلةٌ ... صفْرَاءُ رَعْبَلَةٌ في مَنْصِبٍ سَنِمِ
عذْبٌ مُقْبَّلُهَا جَدْلٌ مُخَلْخَلُهَا ... كالدِّعْصِ أَسْفَلُهَا مخْصُورةُ الْقَدمِ
سُودٌ ذَوَائِبُهَا بِيضٌ تَرَائِبُهَا ... محْضٌ ضَرَائِبُهَا صِيغَتْ عَلَى الْكَرمِ
عبْلٌ مُقَيَّدُها حَالٍ مَقَلَّدُهَا ... بضٌّ مُجَرَّدُهَا لَفَّاءُ في عَمَمِ
سمْحٌ خَلائِقُهَا دُرْمٌ مَرَافِقُهَا ... يَرْوَى مُعانِقُهَا من بارِدِ الشَّبمِ
كأنَّ مُعْتَقَةً في الدَّنِّ مُغْلَقَةً ... صَهْبَاءَ مُصْفَقَةً مِنْ رَابئٍ رَذِمِ
شيِبَتْ بِمَوْهَبَةٍ من رأَسِ مَرْقَبةٍ ... جَرْدَاءَ مَهْيَبَةٍ في حَالِقِ شَمَمِ
خالَطَ طَعْمَ ثَنَايَاهَا ورِيقتها ... إذا يكون تَوالى النَّجْم كالنُّظُمِ
ومنهم أبو المثلم فإنه قال:
لو كان للدَّهْرِ مالٌ كان متُلْده ... لكان للدَّهْرِ صَخْرٌ مالَ قُنْيَانِ
آبِى الْهَضِيمَةِ نَابٍ بالعَظَيمَةِ مِت ... لافُ الكَرِيمَةِ لا سِقْطٌ ولا وانِى
الصفحة 13
93