كتاب نقد الشعر
البيت:
التوشيح.
التوشيح
وهو أن يكون أول البيت شاهداً بقافيته، ومعناها متعلقاً به، حتى أن الذي يعرف قافية القصيدة التي البيت منها، إذا سمع أول البيت عرف آخره وبانت له قافيته، مثال ذلك قول الراعي:
وإن وزن الحصى فوزنت قومي ... وجدت حصى ضريبتهم رزينا
فإذا سمع الإنسان أول هذا البيت، وقد تقدمت عنده قافية القصيدة، استخرج لفظة قافيته، لأنه يعلم أن قوله: وزن الحصى، سيأتي بعده: رزين، لعلتين: إحداهما أن قافية القصيدة توجيه، والأخرى أن نظام المعنى يقتضيه، لأن الذي يفاخر برجاحة الحصى يلزمه أني قول في حصاه إنه رزين.
وقول العباس بن مرداس:
هم سودوا هجناً وكل قبيلة ... يبين عن أحسابها من يسودها
فمن تأمل هذا البيت، وجد أوله يشهد بقافيته، وقول نصيب:
وقد أيقنت أن ستبين ليلى ... وتحجب عنك إن نفع اليقين
وقول مضرس بن ربعي:
تمنيت أن ألقى سليماً ومالكاً ... على ساعة تنسى الحليم الأمانيا
ومن أنواع ائتلاف القافية مع سائر البيت: الإيغال.
الإيغال:
وهو ا، يأتي الشاعر بالمعنى في البيت تاماً من غير أن يكون للقافية فيما ذكره صنع، ثم يأتي بها لحاجة الشعر، في أن يكون شعراً، غليها، فيزيد بمعناها في تجويد ما ذكره في البيت، كما قال امرؤ القيس:
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرجلنا الجزع الذي لم يثقب
فقد أتى امرؤ القيس على التشبيه كاملاً قبل القافية، وذلك أن عيون الوحش شبيهة بالجزع، ثم لما جاء بالقافية أوغل بها في وصف ووكده، وهو قوله: الذي لم يثقب، فإن عيون الوحش غير مثقبة، وهي بالجزع الذي لم يثقب أدخل في التشبيه، وقال زهير:
كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم
فالعهن: هو الصوف الأحمر، والفنا: حب تنبته الأرض أحمر، فقد أتى على الوصف
الصفحة 63
93