كتاب نقد الشعر
وقال المخبل:
يعالج عزاً قد عسا عظم رأسه ... قراسية كالفحل يصرف يازله
فما جرى هذا المجرى مما له مجاز، كان أخف وأسهل مما فحش ولم يعرف له مجاز، وكان منافراً للعادة، بعيداً عما يستعمل الناس مثله.
الكلام في عيوب الوزن:
ولنتبع الكلام في عيوب اللفظ بالكلام في عيوب الوزن، فنقول:
الخروج عن العروض:
من عيوبه: لخروج عن العروض، وقد تقدم من استقصى هذه الصناعة. إلا أن من عيوبه التخليع.
التخليع:
وهو أن يكون قبيح الوزن قد أفرط قائله في تزحيفه، وجعل ذلك بنية للشعر كله، حتى ميله إلى الانكسار، وأخرجه عن باب الشعر الذي يعرف السامع له صحة وزنه في أول وهلة، إلى ما ينكره حتى ينعم ذوقه، أو يعرضه على العروض فيصح فيه، فإن ما جرى من الشعر هذا المجرى ناقص الطلاوة، قليل الحلاوة، ذلك مثل قول الأسود بن يعفر:
إنا ذممنا على ما خيلت ... سعد بن زيد وعمراً من تميم
وضبة المشترى العار بنا ... وذاك عم بنا غير رحيم
لا ينتهون الدهر عن مولى لنا ... قورك بالسهم حافات الأديم
ونحن قوم لنا رماح ... وثروة من موال وصميم
لا نشتكي الوصم في الحرب ولا ... نئن منها كتأنان السليم
ومثل قول عروة بن الورد:
يا هند بنت أبي ذراع ... أخلفتني ظني ووترتني عشقي
ونكحت راعي ثلة يثمرها ... والدهر فائته بما يبقى
ومثل قصيدة عبيد بن الأبرص، وفيها أبيات قد خرجت عن العروض البتة، وقبح ذلك جودة الشعر، حتى أصاره إلى حد الردئ منه، فمن ذلك قوله:
والمرء ما عاش في تكذيب ... طول الحياة له تعذيب
فهذا معنى جيد ولفظ حسن، إلا أن وزنة قد شانه وقبح حسنه، وأفسد جيده.
فما
الصفحة 68
93