كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

من غير أن يُطالب بدليل، للأدلة القاطعة كإجماع المسلمين على ذلك، ونص قوله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب/ ٤٠].

٥٢٤ - وما انتفَى وجودُه من نصِّ ... عند ذوي الحديثِ بعدَ الفَحْصِ
قوله: "ما" عطفٌ على الضمير المنصوب في قوله: "انْمِها" أي انْمِها للكذب، وانْمِ للكذب أيضًا كُلَّ حديثٍ نُسِب إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يوجد بعد البحث والتفتيش التامِّ، لقضاءِ العادةِ بكذب ناقله. وقيل: لا يُقْطَع بكذبه لتجويز العقل صدق ناقله، وهذا بعد تدوين الأحاديث، أما قبل ذلك كعصر الصحابة فلا مانع من أن يروي أحدهم ما ليس عند غيره.

٥٢٥ - وبعضَ ما يُنْسب للنبيِّ ... . . . . . . . . . . . .
قوله: "وبعضَ" بالنصب أيضًا عطفًا على مفعول "انمِ" أي: انم للكذب بمعنى انسب له قطعًا بعض الأحاديث المروية عن النبي، يعني أنه يُقطع بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قيل عليه ما لم يَقُلْهُ، ووجه القطع بذلك أنه رُوِي عنه أنه قال: "سَيُكْذَب علَيَّ" (¬١) ولا يخلو الأمر من أحد أمرين: إما أن يكون قال هذا الحديث، وإما أن يكون مكذوبًا عليه، فإن كان قاله حَصَل القطعُ بوقوع الكذب عليه، وإن كان لم يقله فقد كُذِبَ به عليه (¬٢). وهذا الحديث لا يُعْرف له إسناد.
---------------
(¬١) قال ابن الملقن في "تخريج أحاديث البيضاوي" (ص/ ٤٨): "هذا الحديث لم أره كذلك، نعم في أوائل مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يكون في آخر الزمان دجالون كذابون". وانظر "المعتبر": (ص/ ١٤١) وحاشيته.
(¬٢) انظر "منهاج السنة": (٧/ ٦١)، و"الإبهاج شرح المنهاج": (٢/ ٢٩٨) للسبكي.

الصفحة 335