كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

٥٤٣ - ولا يفيدُ العلمَ بالإطلاق ... عند الجماهيرِ من الحُذَّاقِ
٥٤٤ - وبعضهم يفيدُ إن عدلٌ روى ... واختير ذا إنِ القرينةَ احْتَوى
يعني أن خبر الآحاد لا يفيد العلم يعني اليقين عند جماهير الحذَّاق يعني الأصوليين. وقوله: "بالإطلاق" يعني سواء احتفَّت به قرائن الصدق أم لا. وحُجَّة هذا القول: أن الرواة غيرُ معصومين وادعاء القطع بخبرهم مع إمكان الكذب في حقهم كأنه تناقض.
وقوله: "وبعضهم يفيد إن عدلٌ رَوى" يعني أن بعض الأصوليين منهم ابن خُويز منداد من المالكية وهو رواية عن أحمد، وكثير من أهل الحديث يقولون: إن خبر الواحد يفيد القطع إذا كان راويه عدلًا ضابطًا (¬١).
وحجَّتهم أن وجوب العمل به يقتضي إفادته العلم، لأن اللَّه ذم متبعَ الظن وبيَّن أن الظنَّ لا يغني من الحق شيئًا كما قال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}، وقال تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (٢٨)} [النجم]، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إياكم والظنَّ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث" (¬٢).
وأجيب من جهة الجمهور بأن الفروع العملية لا يُطْلَب فيها القطع بما في نفس الأمر، والعمل يكون قطعيًّا وهو مبني على ظن (¬٣) في نفس
---------------
(¬١) انظر في ترجيح هذا القول: "مجموع الفتاوى": (١٨/ ٤١ - ٥١)، و"مختصر الصواعق": (ص/ ٤٦٤)، و"النكت على ابن الصلاح": (١/ ٣٧٦).
(¬٢) أخرجه البخاري رقم (٥١٤٣)، ومسلم رقم (٢٥٦٣) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(¬٣) ط: ظني.

الصفحة 345