كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

ورجوع عمر إلى قولهما في دية الجنين أنَّها غرة (¬١). وكرجوع الصحابة لخبر عائشة في وجوب الغسل من التقاء الختانين (¬٢).
فإن قيل: لم يقبل أبو بكر خبر المغيرة في ميراث الجدة حتى شَهِد معه محمد بن مَسْلمة، ولم يقبل عمر بن الخطاب حديث أبي موسى في الاستِئْذان حتى شَهِد معه أبو سعيد الخدري (¬٣)، ولم تقبل عائشة خبرَ ابن عمر أن الميت يُعَذَّب ببكاء أهله (¬٤)، ولم يقبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خبر ذي اليدين في السهو في الصلاة حتى شهد معه أبو بكر وعمر (¬٥).
فالجواب: أن أبا بكر لم يردَّ خبرَ المغيرة في ميراث الجدة وإنما طلبَ غيرَه معه تثبتًا وزيادةً للتأكيد وذلك لا يقتضي رد الخبر، كما جاء في القرآن نظيره عن إبراهيم -عليه السلام- في قوله: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة/ ٢٦٠] مع أنه حجة أيضًا على قبول أبي بكر خبر الآحاد؛ لأن الاثنين آحاد بالإجماع. وأن عمر بن الخطاب صرَّح في [بعض] روايات الحديث بأنه لم يتهم أبا موسى، وإنما فعل ذلك سدًّا
---------------
(¬١) أخرجه البخاري رقم (٦٩٠٥)، ومسلم رقم (١٦٨٣) من حديث المغيرة -رضي اللَّه عنه-.
(¬٢) أخرجه مسلم رقم (٣٤٩) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.
(¬٣) أخرجه البخاري رقم (٦٢٤٥)، ومسلم رقم (٢١٥٣) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.
(¬٤) أخرجه البخاري رقم (١٢٨٨)، ومسلم رقم (٩٢٩) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.
(¬٥) أخرجه البخاري رقم (٧١٤)، ومسلم رقم (٥٥٣/ ٩٩) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

الصفحة 349