كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

الآحاد هو ما نقله أهلُ المدينة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن صرحوا بنقله عنه أو كان له حُكم الرفع بأن كان لا مجال للرأي فيه. وقوله: "إذا ذاك قطعي" أي لتواتره.
وقوله: "وإن رأيًا ففي تقديم ذا" إلخ يعني أن عمل أهل المدينة المخالف لخبر الآحاد إذا كان عن اجتهاد منهم لا نقلٍ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن المالكية اختلفوا أيهما يقدم، فأكثر البغداديين على أنه ليس بحجة، لأنهم بعض الأمة فيقدَّم عليهم خبرُ الآحاد المروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قلت: وهو الحق وعليه المحققون من المالكية، وسيصرِّح المؤلف في القوادح (¬١) بأن فساد الاعتبار قادح في كل اجتهاد، وهو مخالفة النص، فكلُّ اجتهاد خالفَ نصًّا فهو باطل بالقادح المُسَمَّى بفساد الاعتبار، وذلك في قوله في باب القوادح الذي سيأتي:
والخُلْفَ للنصّ أو اجماعٍ دعا ... فسادَ الاعتبار كلُّ من وعى
وقال آخرون: إجماعهم حجة فيقدَّم على خبر الواحد، والتحقيق خلافه كما يأتي للمؤلف في كتاب الإجماع (¬٢).
أما إذا لم يعلم أهل المدينة بالخبر فهو مقدَّم على قولهم بالاتفاق، وقال المالكية: إذا علموه وتركوا العمل به دل ذلك على نسخة فيقدَّم عملُهم عليه.

٥٤٩ - كذاك فيما عارضَ القياسَا ... رِوَايتا من أحْكَم الأسَاسَا
يعني أنه جاء عن مالك روايتان في عمل أهل المدينة إذا خالف
---------------
(¬١) البيت رقم (٧٩٩).
(¬٢) البيت رقم (٦١٥).

الصفحة 351