كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

وقوله: "ودع بجزمه لذاك النقل" يعني أن الأصل إذا جَزَم (¬١) بأن الفرع لم يرو عنه هذا الحديث ولم يَشك في ذلك فلا تُقْبَل روايته عنه.
وقوله: "لذاك" مفعول "دع" بمعنى اترك، واللّام زائدة لتأكيد التعدية، والباء في "بجزمه" سببية، وتقرير المعنى: ودع ذلك النقلَ بسبب جزم الأصل أن الفرع لم يرو عنه.

٥٥٢ - وقال بالقبول إنْ لم ينتفِ ... أصْلٌ من الحديث شيخٌ مقتفي
يعني أن الباجيَ قال (¬٢): إنَّ جزم الأصل بعدم رواية الفرع عنه إذا اعترف بأن هذا الحديث من مروياته بأن قال: هذا من روايتي ولكنَّ هذا الراويَ لم يروه عني = لم يمنع جزمُه بذلك قبولَ رواية الفرع عنه؛ لأنه يمكن أن يحدِّثه وينسى أنه حدثه، وأما إن انتفى من الحديث أصلًا بأن قال: لم أرْوِ هذا الحديث أصلًا فلا تُقْبَل رواية الفرع عنه اتفاقًا. وقوله: "شيخ مقتفي" أي متَّبع يعني الباجيَّ.

٥٥٣ - وليس ذا يقدحُ في العداله ... كشاهدٍ للجزمِ بالمقالَه
يعني أن مخالفةَ الأصل والفرع لا تقدَحُ في عدالة واحدٍ منهما، فلا تقول: لابدَّ أن يكون أحدهما كاذبًا والكذبُ من مسقطات الثقة بالخبر؛ لأن كلًّا منهما بالنظر إليه بمفرده يدَّعي أنه جازم وأنه صادق، كما لو قال رجل رأى طائرًا: إن كان هذا غرابًا فزوجتي طالق، وقال الآخر: إن لم
---------------
(¬١) ط: صرح.
(¬٢) في "إحكام الفصول": (١/ ٣٥٢).

الصفحة 353