كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

يكن غرابًا فزوجتي طالق، وطار ولم يُعرف وادَّعى كلٌّ منهما اليقين فلا تطلق زوجةُ واحدٍ منهما.
وقوله: "كشاهد" أي كما لا تسقط شهادة الشهود بشهادة بعضِهم بنقيضِ ما شَهِدَ به الآخرون (¬١) ولو لم يمكن الجمع بل يرجَّح بين البَيِّنَتَيْن ولا يقدح ذلك التكاذبُ في عدالة أحدٍ منهم لأن الكل عَدْل جازم.
قلت: ويُسْتأْنس لهذه المسائل بمسألة اللعان حيث جاء القرآنُ بقبول أَيْمان الزوجين وسقوط الحدِّ عنهما، مع أنَّا نقطع بأن أحدهما كاذب، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّه يعلمُ بأنَّ أحدكما لكاذب" (¬٢)، والكاذبُ منهما يلزم على كذبه حدٌّ من حدود اللَّه، لأنَ كذب المرأة يُلزمها حدَّ الزنا، وكذب الرجل يُلزمه حدَّ القذف.

٥٥٤ - والرفعُ والوصل وزَيْدُ اللَّفظِ ... مقبولةٌ عندَ إمامِ الحفظِ
٥٥٥ - إن أمكن الذهولُ عنها عاده ... إلّا فلا قبولَ للزِّياده
يعني أن الرفع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مقدَّم على الوقف على الصحابي، والوصل مقدَّم على الإرسال، وإيضاحُه: أن الحديث لو رواه بعضُ الرواة مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورواه بعضُهم موقوفًا على الصحابي ولم يرفَعْه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكلا الإسنادين صحيح، فإنَّ الرفعَ مقدَّم على الوقف؛ لأن الرفعَ زيادة وزيادة العدل مقبولة.
---------------
(¬١) الأصل: الآخر.
(¬٢) أخرجه البخاري رقم (٥٣١١)، ومسلم رقم (١٤٩٣) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

الصفحة 354