كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

صبي، ثم أدَّاه في حالة الإسلام أو البلوغ أو زوال الفسق والابتداع فإنه يُقْبَل على مذهب الجمهور وهو الحق؛ لأن العبرة بوقت الأداء، وقد أجمعَ الصحابة على رواية صغار الصحابة الذين سمعوا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في زمن صباهم وأدَّوا بعد البلوغ، كابن عباس والحسن والحسين والنعمان بن بشير وابن الزبير وأضرابهم، وقد قبلوا حديثَ جُبير بن مُطعم في صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بسورة الطور، وقد سمعه وهو كافر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأدَّاه بعد الإسلام (¬١).
و"الواو" في قوله: "قُبِلوا" نائب الفاعل وضميره عائد إلى الكافر والفاسق والمبتدع والصبي، والكلام على حذف مضاف، أي قُبلت روايتهم. وقوله: "إن يكن تحملوا" فيه حذف، أي وإن يكن التحمل مقترنًا بصفة المنع كالكفر والفسق مثلًا. وقوله: "ثم أَدًا بنفي منع" إلخ يعني ثم كان الأداء بعد ذلك مقترنًا بنفي المنع لوقوعه بعد زوال الكفر والفسق إلخ.

٥٦٢ - من ليسَ ذا فِقهٍ أباه الجيلُ ... وعكسُه أثبته الدليل
يعني أن الراوي إذا كان غير فقيه فإن الجيل يردون روايته، وأصلُ الجيل: الصنف من الناس، والمراد به عند المؤلف أهل مذهب مالك قائلين: إن رد رواية غير الفقيه هو المنقول عن مالك (¬٢)؛ لأن غير الفقيه لا
---------------
(¬١) أخرجه البخاري رقم (٤٨٥٤)، ومسلم رقم (٤٦٣).
(¬٢) هذا نصَّ عليه مالك كما في "ترتيب المدارك": (١/ ١٢٥)، لكن ليس المقصود بالفقيه معناه الاصطلاحي عند المتأخرين، بل المراد به الفاهم العارف المدرك لما يرويه، وقد نُقِل عنه ما يدلّ على ذلك. انظره مفصَّلًا في "أصول فقه مالك": (٢/ ٦٢٧ - ٦٣٠ و ٦٣٨ - ٦٣٩) للشعلان.

الصفحة 362