كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

٥٦٦ - عدْلُ الروايةِ الذي قد أوجَبوا ... هو الذي مِن هذا يُجْلَبُ
٥٦٧ - والعدلُ من يجتنبُ الكبائرا ... ويتَّقي في الأغلبِ الصَّغائرا
٥٦٨ - وما أُبيح وهو في العيانِ .... يقدحُ في مُروءةِ الإنسانِ
هذا تعريف من المؤلف لعَدْلِ الرواية، لأن خبر الآحاد تُشترط فيه عدالة الرواة فاحتيج إلى تعريف العدل، وعرَّفه المؤلف باستجلابه بَيْتَي ابنِ عاصم في تعريفه عدل الشهادة؛ لأن عَدْل الشهادة هو عدلُ الرواية إلَّا في المسائلِ التي ذكرها في قوله: "وذو أنوثة" إلخ وذلك هو قوله: "من بعد هذا يُجْلب".
وعرَّف العدل بأنه من يجتنب الكبائر مطلقًا والصغائر في الأغلب، ونادِرُها لا يقدح في العدالة لعُسْر التحرز منه، لكن بشرط أن تكون غير صغائر الخِسَّة، أما ارتكاب صغيرة الخِسَّة فهو قادح لدلالته على دناءة الهمة وسقوط المروءة، كسرقة لقمة وتطفيف حبة.
ويشترط للعدالة سلامة المروءة من القوادح، فارتكاب ما يُخل بالمروءة يُخل بالعدالة، كالبول في الطريق والأكل في السوق لغير سوقيّ، ومخالطة الأنذال ونحو ذلك، وذلك هو مراده بقوله: "وما أُبيح" البيت.
وحاصل تحقيق المقام في العدالة أنها لغةً: التوسط، واصطلاحًا: سلامةُ الدينِ من الفسق والمروءةِ من القوادح، والعقلِ من البَلَه والتغفيل.
واختلف العلماءُ في حدِّ الكبيرة اختلافًا كثيرًا فقيل: هي ما تُوُعِّدَ فاعلُه بغضبٍ أو عذابٍ أو نحو ذلك، وقيل: ما يترتب عليه حَدٌّ، واختار بعضهم أن ضَابطها: أنها كل ذنب يدل على استخفاف مرتكبه بالدين،

الصفحة 365