كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

لولا هذا ما حدثنا (¬١).
فإن قيل: هذا الحديث صاحبه عاجز عن تأْديته بلفظه كما يدل عليه قوله: لا أستطيع أن أؤديه، وإذًا فلا يصلح دليلًا في القادر على أدائه بلفظه.
فالجواب: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لاسيما وقد صرح -صلى اللَّه عليه وسلم- بما يدل على التَّعميم وهو صِيَغ الجمع في قوله: "تحلوا، وتحرموا، وأصبتم".
وذَكَر المؤلِّف شروط جواز النقل بالمعنى -على القول به- فبين أن من شَرْطه أن يكون الناقل عارفًا بمدلولات الألفاظ فَطِنًا بمواقعها لا تتمشى عليه التغييرات التي تغير المعاني، وهذا هو مراده بقوله: "لعارف".
الشرط الثاني: أن يكون الناقل بالمعنى فاهمًا للحديث متيقِّنًا أن معناه هو ما فهم، وقيل: تكفيه غلبةُ الظنِّ، وهذا هو مراده بقوله: "يفهم معناه جزم" إلخ.
الثالث: استواء اللفظ الذي جاء به مع لفظ الحديث في الخفاء والظهور بأن لا يكون أخفى منه ولا أظهر، ومَنعْ كونه أخفى منه واضح، لأنه ينقلُ النص من الوضوح إلى الخفاء، ومَنعْ كونه أظهر منه خوف أن يعارض حديثًا آخر فيرجَّح عليه بالظهور، والظهور من المرجحات، فيؤدِّي إلى ترجيح الحديث بتصرف الراوي، وذلك لا يجوز لأنه يوهم أرْجَحِية غير الراجح.

٥٨٩ - وبعضُهم مَنَع في القِصارِ ... دون التي تطُولُ لاضطرارِ
---------------
(¬١) انظر "تدريب الراوي": (١/ ٥٣٤).

الصفحة 377