كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

من الاتفاق على عدم احتمال الواسطة غيرُ صحيح، بل الواسطة محتملة في قول الصحابي أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كاحتمالها في قوله: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما ادعوه من الاحتمالات في الأمر هل للكل أو البعض أو دائم أو غير دائم يظهر ضعفه لأن الصحابي عدل عارفٌ فيبعد أن يروي إلَّا كما سمع.

٥٩٥ - كذا من السنة يُرْوى والتحقْ ... كُنَّا بِه إذا بعهدِه التصَقْ
يعني أن قول الصحابي: "من السنة"، يحتج به وهو في مرتبة ما قبله لظهوره في سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل: لا يُحتج به لأن السنة قد تطلق على سنة الخلفاء الراشدين وغيرهم، وعلى ما قابل الفرض، وغير ذلك. ومثاله: قول علي -رضي اللَّه عنه-: من السنة ألَّا يقتل حر بعبد (¬١).
وقوله: "والتحق كنا به" إلخ ظاهر المؤلف أن هذه المرتبة تساوي ما قبلها للعطف بالواو لكنه ذكر في "الشرح" (¬٢) أنها بعدها، ومعنى كلامه أن الصحابي إذا قال: كنا نفعل كذا في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يكون له حكم الرفع، لأنه محمول على أنه اطلع عليه فقرَّرهم عليه كقول جابر: كنَّا نعْزِل والوَحْي ينزل (¬٣).
وقيل: ليس له حكم الرفع، لأن الحجة في عِلْم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به وتقريره عليه، وهنا لم يثبت أنه سمعه، أما إذا قال الصحابي: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سَمِعه وأقر عليه كقول ابن عمر: كنا نقول أفضل الأمة بعد نبيها
---------------
(¬١) أخرجه ابن أبي شيبة: (٥/ ٤٠٩)، والبيهقي: (٨/ ٣٤).
(¬٢) (٢/ ٦٥).
(¬٣) أخرجه البخاري رقم (٥٢٠٨)، ومسلم رقم (١٤٤٠).

الصفحة 382