كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

أن هذا الشيء المُجاز فيه هو سماع المُجيز بأن يثبت ذلك عنده بطريقٍ تفيدُ العلم أو غلبة الظن. وقال قوم من أهل الحديث: لا يجوز العمل ولا الرواية بالإجازة، قال شعبة: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة في طلب العلم (¬١).

٥٩٨ - لِشبْهِها الوقْفَ تجي لمن عُدِمْ ... وعدَمُ التفصيل فيه مُنْحَتِمْ

يعني أنه تجوز الإجازة للمعدوم، نحو: أجزتُ لمن سيولد لفلان رواية هذا الكتاب عنِّي، لمشابهتها للوقف. وقوله: "وعدم التفصيل" يعني أن الإجازة للمعدوم تجوز مطلقًا من غير تفصيل خلافًا لمن قال: لا تجوز مطلقًا، ولِمَن فصَّل في ذلك قائلًا: إن كان المعدوم تَبَعًا لموجود جازت نحو: أجزت لك ولمن سيولد لك، وإن لم يكن المعدومُ تبعًا لموجود نحو: أجزتُ لمن سيولد لك، لم تَجُز.
٥٩٩ - والكَتْبِ دونَ الإذنِ بالذي سُمع ... إن عُرِفَ الخَطُّ وإلا يمتنع
قوله: "والكَتْبِ" بالخفض عطفًا على قوله: "الإجازة" يعني أنه يجوز العمل بالكتب دون الإذن بالرواية بأن يكتب راوٍ لغيره بأن هذا سماعه، ولم يقل له: أجزتُ لكَ روايته عَنِّي، فإنَّ العملَ به يجوز دون الرواية، ومحلّ جوازِهِ إذا كان يعرفُ الخطَّ الذي كتب به إليه الراوي، أو شَهِدَت عليه بينة، فإن لم يعرفه ولم تقم عليه بينة لم يَجُز العملُ به وذلك هو مراده بقوله: "إن عرف الخط وإلا يمتنع"، ومفهوم قوله: "دون الإذن" أنه لو أذن له مع الكتب لكان إجازة.
---------------
(¬١) أخرجه الخطيب في "الكفاية": (١٠٢٠).

الصفحة 385