كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

٦٠٠ - والخُلْفُ في إعلامه المُجَرَّدِ ... واعْمِلَن منه صحيحَ السَّنَدِ
يعني أنهم اختلفوا في إعلام الشيخ المجرَّد عن الإجازة، كما إذا قال لك الشيخ: هذا الحديث أو هذا الكتاب من سماعي عن فلان، مقتصرًا على ذلك هل تجوز الرواية [عنه] بهذا أم لا؟ والقول بالجواز ذهب إليه كثير من الأصوليين والفقهاء والمحدثين، وممن ذهب إليه من المالكية ابن حبيب وصححه عياض (¬١). والقول بالمنع قال به أيضًا جماعة من الأصوليين وكثير من المحدثين، وممن جزم به الغزالي (¬٢). وحجة المنع القياس على الشاهد إذا ذكر شهادته في غير مجلس الحكم، فإنه لا يجوز تحمُّلها إلا بإذنه، وقالوا أيضًا: قد يحدِّث الإنسان بشيء ولا يُجَوِّز روايته عنه لكونه يعلم فيه خَلَلًا مانعًا من القبول.
أما العمل بإعلامه المجرَّد فهو جائز إذا كان صحيح السند والمتن أو حسن السند والمتن، فالمدارُ على صحة المتن أو حُسنه صحَّ الإسناد أو حَسُن أم لا، والمتن والإسناد كل منهما يصح ويحسن دون الآخر، فالإسنادُ قد يكون صحيحًا مع أن المتن غيرُ صحيح لعلةٍ أو شذوذ، كما أن المتن يكون صحيحًا مع أن الإسناد غير صحيح كما في الصحيح لغيره، لأن كثرة الطرق وإن كانت ضعيفة قد يشدُّ بعضُها بعضًا فيصح المتن بمجموعها مع أن كل واحد منها بانفراده ضعيفٌ.
لا تخاصم بواحدٍ أهلَ بيتٍ ... فضعيفان يغلبان قويًّا
---------------
(¬١) في "الإلماع": (ص / ١٠٧ - ١٠٨).
(¬٢) انظر "المستصفى": (١/ ١٦٥).

الصفحة 386