كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

كتابُ الإجماع
الإجماع من الأدلة الشرعية، وهو يكون شرعيًّا كالإجماع على حِلّيَّةِ البيع والنكاح، وعقليًّا كإجماع من يُعتد بهم على حدوث العالم، ولغويًّا ككون الفاء للتعقيب، ودنيويًّا كتدبير الجيوش.
والإجماع في اللغة: مصدر أجمع، وهو مشترك لغةً بين أمرين؛ أحدهما: العزم والتصميم، والثاني: الاتفاق، وهو المناسب للإجماع الذي هو أحد الأدلَّة، واصطلاحًا عرَّفه المؤلف بقوله:
٦٠٣ - وهو الاتفاقُ من مجتهدي ... الأمةِ من بعدِ وفاةِ أحمدِ
٦٠٤ - وأطلِقَنْ في العصر والمتَّفَقِ ... عليه. . . . . . . . . . . .
يعني أن الإجماع في اصطلاح الأصوليين هو: اتفاق المجتهدين في أي عصر على أيِّ شيء، وذلك هو مراده بقوله: "وأطلِقَن في العصر
والمتفَقِ عليه" بعد وفاته -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنه ما دام حيًّا -صلاةُ اللَّه عليه وسلامه- فالعبرة بقوله وفعله وتقريره، ولا حجة في الإجماع في حياته -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفُهِم من قوله: "وأطلِقَن في العصر" أن الإجماعَ لا يختص بالصحابة والتابعين خلافًا لمن زعم ذلك، ومن قوله: "والمتفق عليه" أن الإجماع يكون شرعيًّا وغير شرعيٍّ.

. . . . . . . . . . . . ... فالإِلْغا لمن عَمَّ انْتُقي
يعني أنه يترتب على كون الإجماع اتفاقُ خصوصِ المجتهدين إلغاء العوام وعدم اعتبارهم في الإجماع إذْ لا علمَ عندهم حتى يُعتبر وِفاقُهم،

الصفحة 388