كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

مثلًا فلو احتججنا على علمه مثلًا بالإجماع لكانت معرفة علمه متوقفة على الإجماع الذي استدل عليها به، مع أن الإجماع متوقف على معرفة علم اللَّه كما تقدم فيتوقف كلٌّ من الأمرين على الآخر وهو مراده بالدور.
هذا مراد المؤلف، وهو مذهب المتكلمين القائلين بأن العلم والإرادة والحياة والقدرة لا يمكن إثباتها بدليل نقلي زاعمين أن ثبوتها به يلزمه الدور المذكور. والتحقيقُ أنه لا يلزمه الدور، وأن صِدْق النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يتوقف الجزم به على النظر العقلي، بل كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر العقائد والأحكام لجَهَلَة الأعراب الذين لا يعرفون النظر فيصدقونه في ذلك تصديقًا جازمًا لا تخالطهم فيه شكوك ولا أوهام، ومن ذلك الآية والأحاديث الدالة على أن الأمةَ لا تجتمع على ضلالة (¬١).
وقوله: "فيما كالعلم" يشير به إلى أن ما لا يلزمه الدور المزعوم ككون اللَّه يراه المؤمنون يوم القيامة ونحو ذلك يثبت بالإجماع لأن ثبوته به لا يلزمه الدور.

٦١٣ - وما إلى الكوفةِ منه ينتمي ... والخلفاء الراشدينَ فاعْلَمِ

يعني أن إجماعَ أهل الكوفة ليس بحجة على الصحيح، وكذلك إجماع أهل الكوفة والبصرة لأنهم بعض الأمة، خلافًا لمن زعم أن إجماع أهل الكوفة والبصرة معًا أو أهل الكوفة فقط حجة نظرًا لكثرة من سكنها من أهل العلم من الصحابة.
---------------
(¬١) تقدم تخريجه.

الصفحة 394