كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 1)

المعارضة إذ لا معارضةَ بين قطعيين، وإن كان ظنيًّا فلا معارضة إذ الظني لا يُقاوِم القطعيَّ.
وقوله: "ويظهر الدليل والتأْويل" يشير به إلى أن الممنوع إنما هو خَرْق (¬١) الإجماعِ، أما الزيادة في حكمه بإظهار دليلٍ لم يطلع عليه المجمعون، أو استنباط علة للحكم المُجمع عليه لم يطلع عليها المجمعون، أو تأويل حكم يخالف ظاهرُه الإجماع ليكون بذلك التأويل موافقًا للإجماع، كل ذلك لا مانع منه لأنه ليس خرقًا للإجماع وإنما هو ذِكْر شيءٍ لم يتعرَّض له المجمعون.
مثال إظهار الدليل والتأويل: أن المجتهدين المجمعين على منع وطء الأخت من الرضاع بملك اليمين لم يتعرضوا أصلًا للنصِّ الذي هو مستند الإجماع، ولم يتعرضوا لتأويل النصِّ المقتضي بظاهره مخالفة هذا الإجماع، فلِمَن بعدهم أن يُظهر دليلَ الإجماع بأن يقول: دليل هذا الإجماع قوله تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء/ ٢٣].
وله أيضًا أن يؤوِّل النصَّ المخالف بظاهره لهذا الإجماع وهو قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون/ ٦] المقتضي للإباحة الشامل عمومه الأخت من الرضاع بأن يقول: هذا العموم مؤوَّل أي محمول على غير ما لم يخرجه دليل، أما ما أخرجه الدليل كالأخت من الرضاع وموطوءة الأب فليس بمراد، وقِسْ على ذلك. وهذا مفهوم من أن
---------------
(¬١) ط: طروّ.

الصفحة 402