كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: 2)
على خبر الواحد، وقال القرافي في "التنقيح" (¬١): إن هذا مذهب مالك، ووجَّهَه بأن الخبر إنما ورد لتحصيل الحكم، والقياس متضَمِّن للحكَمة فيُقَدَّم على الخبر (¬٢).
قلت: التحقيق خلاف ما ذهب إليه المؤلف والقرافيُّ، والرواية الصحيحة عن مالك رواية المدنيين أن خبر الواحد مقدَّم على القياس. وقال القاضي عياض: مشهور مذهبه أن الخبر مقدَّم، قاله المقَّري وهو رواية المدنيين. اهـ. ومسائل مذهبه تدل على ذلك كمسألة المُصَرَّاة، ومسألة النضح، ومسألة غسل اليدين لمن أحدث في أثناء الوضوء. وما زَعمه بعضهم من أنه قدَّم القياسَ على النص في مسألة وُلوغ الكلب غير صحيح؛ لأنه لم يترك فيها الخبرَ للقياس، وإنما حمل الأمر على الندب للجمع بين الأدلة، لأن اللَّه تعالى قال: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة/ ٤] ولم يأمر بغسل ما مسَّه لعاب الكلب، فدلَّ على أنه غير نجس، واعتضد ذلك بقاعدة هي: أن الحياة علة الطهارة (¬٣).
٦٣٤ - وقبلَه القطعيُّ من نصٍّ ومِنْ ... إجماعِهم عندَ جميعِ من فَطِنْ
---------------
(¬١) (ص/ ١٢٦).
(¬٢) ولهم تعليلات أخرى.
(¬٣) انظر كتاب "أصول فقه الإمام مالك": (٢/ ٧٩٩ - ٨٤٠) للشعلان، فقد حقق فيه أن ما نقله ابن القاسم في "المدونة" يخالف ما حكاه عنه المالكية من تقديم القياس، وأن صنيعه في المسائل الفروعية يدل على تقديمه لخبر الواحد على القياس الاصطلاحي، أما القياس المراد به "القواعد والأصول" فقد جاء عنه تقديم الخبر حينًا وتقديم "القواعد والأصول" حينًا آخر بحسب القرائن.
الصفحة 411
838