الحق، سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة متعاقبة أو على المعية وهذا مذهب مالك (¬١). ودليل جوازِه وقوعُه كوجوب الوضوء فإن له عِلَلًا كثيرة كالبول والغائط والمذي، وكوجوب الغُسل يُعَلل بالجماع والإنزال وانقطاع دم الحيض، وكالصوم والإحرام والاستبراء والحيض فإنها علل لمنع الوطء.
وقول المؤلف: "في ذات الاستنباط خُلْفٌ" هل يجوز تعددها أو لا؟ كما أن في المنصوصة خلافًا أيضًا، وممَّن منعه فيها إمامُ الحرمين (¬٢) والسبكيُّ في "جمع الجوامع" (¬٣).
والتحقيقُ الجواز، وما استدل به ابنُ السُّبكي للمنع من أنه يؤدي لجمع النقيضين = لا يتجه إلا في العلل العقلية، أما في الشرعية فلا يلزم من تعليل الحكم بعلتين أيُّ محذور؛ لأن إناطة الأحكام بها بوضع الشرع كما تقدم في قول المؤلف: "معرف الحكم بوضع الشارع" (¬٤)، ولا محذور في تعدُّده كما هو مشاهد في الأمثلة المتقدمة، وستأتي أمثلة المنصوصة في مسلك النصِّ إن شاء اللَّه تعالى، وأمثلة المستنبطة في المسالك الأُخرِ.
٦٧٦ - وذاكَ في الحُكم الكثيرُ أطْلَقَه ... كالقَطْع مع غُرْمِ نِصابِ السَّرقه
---------------
(¬١) انظر "إحكام الفصول": (٢/ ٦٤٠)، والذي ذكره القرافي في "التنقيح": (ص/ ١٣١) ترجيح جوازه في المنصوصة ومنعه في المستنبطة.
(¬٢) "البرهان": (٢/ ٥٤٤).
(¬٣) (٢/ ٢٤٦).
(¬٤) البيت رقم (٦٦١).