الذي هو الأنوثة في تشطير الحدِّ وأناطوه بالرق تنقيحًا للمناط.
ومثاله في الحديث: ما قدمناه في حديث: "لا يقضينَّ حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان" (¬١) فقد ألْغَوا خصوص الغضب وأناطوا الحكم بأعمَّ منه وهو التشويش المانع من استيفاء النظر والفكر (¬٢).
ومنه تنقيح مالك وأبي حنيفة المناط في قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للأعرابي الذي قال: واقعت أهلي في نهار رمضان: "اعتق رقبة" (¬٣)، فألغيا خصوص الوقاع في رمضان، وأناطا الحكمَ بأعمَّ منه وهو انتهاك حُرْمة رمضان، فأوجبا الكفارةَ بالأكل والشرب فيه عمدًا. وقوله: "ظاهر" فاعل "يجي" وهو فعل مضارع مقصور للوزن. وقوله: "المجتهدُ" فاعل "يَطْرُدُ" ومفعوله "الخصوصَ" مقدَّم عليه.
٧٥٦ - فمنه ما كان بإلغا الفارقِ ... وما بغيرٍ من دليلٍ رائقِ
يعني أن من تنقيح المناط قسمًا يقال له: إلغاء الفارق، فيسمى تنقيح المناط، وإلغاء الفارق، خلافًا لمن جعل إلغاء الفارق مسلكًا عاشرًا كالسبكي (¬٤). وإلغاءُ الفارق هو: تبيين أنه لا فرق بين ما ذكره الشارع وما سكت عنه إلَّا فرقًا لا أثر له في الحكم فيثبت الحكم لما اشتركا فيه، لأنه
---------------
(¬١) تقدم تخريجه.
(¬٢) انظر ما تقدم في مبحث تعميم العلة لمعلولها: بيت رقم ٦٧٧:
وقد تخصص وقد تعمِّمُ ... لأصلها لكنها لا تخْرِمُ
(¬٣) تقدم تخريجه.
(¬٤) في "الجمع": (٢/ ٢٩٣).