كتاب نثر الورود شرح مراقي السعود (اسم الجزء: المقدمة)

ولد -رحمه اللَّه- بعد منتصف القرن الثاني عشر الهجري، بقرية تججكة بمنطقة تكانت بموريتانيا، فاعتنى به والده من صغره حتى حفظ القرآن كعادة أهل تلك البلاد. ولما بلغ مبلغ الرجال تهيأ لطلب العلم وبدأ رحلته فيه بعلماء بلده، فأخذ عن الشيخ المختار بن بونا الجكني، والشيخ سيدي عبد اللَّه الفاضل اليعقوبي، والحاج أحمد خليفة العلوي، وغيرهم من جلة علماء قطره، وبعد تحصيله ما عند هؤلاء توجه إلى فاس ومراكش بالمغرب وأقام بهما تسع سنين يأخذ عن علمائهما ويأخذون عنه، ثم توجه إلى بيت اللَّه الحرام لأداء فريضة الحج، فمر بمصر واجتمع بعلماء القاهرة، واستفاد منهم واستفادوا منه.
ثم توجه إلى مكة المكرمة ضمن الوفد الذي بعثه سلطان المغرب في ذلك الوقت سيدي محمد بن عبد اللَّه، فأتيحت له الفرصة بذلك للقاء أكابر العلماء بمكة والمدينة.
ثم رجع إلى المغرب بعد أداء فريضة الحج، فأكرمه سلطانه وأهداه خزانة كتب نادرة رجع بها إلى وطنه ومسقط رأسه، وجلس برباطه يعلم الناس، ويؤلف الكتب حتى طار ذكره وذاع صيته واشتهر علمه في الآفاق. ومكث في طلب العلم أربعين سنة يأخذ عمن وجد عنده زيادة حتى انتهى إلى الغاية القصوى.
وقد اتفق علماء بلده على أنه أعلم رجل في عصره، وعده بعضهم من المجتهدين، وقد أثنى عليه جلة العلماء الذين اتصلوا به وحلّوه بأرفع الألقاب، مثل الشيخ سيدي المختار الكنتي حيث يقول فيه: ما

الصفحة 11