كتاب نزهة الألباء في طبقات الأدباء

الناس ذهنا، وأجودهم أكلاً، وأقواهم بدناً، فغبرت عنه زماناً ثم قصدته، فوجدته ناحل البدن، كاسف البال، متغير الحال، فقلت له: ما شأنك؟ أأصابتك مصيبة؟ قال: لا، قلت: فمرض عراك؟ قال: لا، قلت: فما سبب هذا الذي أراه بك؟ فقال: قصدت بعض القرابة في حي بني فلان، فألفيت عندهم جارية قد لاثت رأسها، وطلت بالورس ما بين قرنها إلى قدمها، وعليها قميص وقناع مصبوغان، وفي عنقها طبل تدق عليه، وتنشد هذا الشعر:
محاسنها سهام للمنايا ... مريشة بأنواع الخطوب
برى ريب الزمان لهن سهما ... يصيب بنصله مهج القلوب
فأجبتها:
قفي شفتي في موضع الطبل ترتعي ... كما قد أبحت الطبل في جيدك الحسن
هبيبني عوداً أجوفا تحت شنة ... تمتع فيما بين نحرك والذقن

الصفحة 95