كتاب نيل الأمل في ذيل الدول (اسم الجزء: 6)

[وفاة ابن القصار المغربي]
[2851]- وفيه مات صاحبنا أبو عبد الله محمد بن القصّار المغربي (¬1)، التلمساني، المالكيّ، نزيل واهران (¬2).
وكان من أهل العلم والفضل، صوفيا، صالحا، خيّرا، ديّنا، فاضلا، متعبّدا.
صحب الشيخ إبراهيم البازي مدّة، وتسلّك عليه، وكان من أعزّ أصحابه عنده.
قدم القاهرة حاجّا، وجاور بمكة فمات في هذه الأيام.
ومولده سنة عشرة (¬3) أو بعده (¬4) بيسير (¬5).
¬_________
= بشاهدة على ما قال بل ربما كانت بضد ما استشهد به، وتارة يأتي بشعر للناس غير موزون، على أنه له نظم، وذكر عن نفسه أنه ينظم، وأن له نظما وسطا. وله أيضا «البحر الزاخر من الأول للآخر» وصل فيه إلى أول دولة الفاطميين من الخلفاء ولم يكمله، وله عدة رسالات وأشياء أخر، وكان ضنينا جدا بنفسه لا يقدّرها مقدارها مع ما كان عليه من المعرفة والكياسة وعلى أنه لم يخل من الفضيلة. وكان له اليد في ضبط بعض الحوادث الواقعة بمصر، وله معرفة بتراجم الكثير من الأتراك على ما في ذلك من العوج، وكان قاصر العبارة، يطنب في موضع إيجاز، ويوجز في موضع إطناب، ويذكر أشياء غير مناسبة للمقام والحال. ولقّبه بعض الجهلة بالعلاّمة في التاريخ وليس كما قال، ولا القريب من ذلك، وإن كان له اليد في ذلك لكن بحيث يبلغ إلى مقام يقال له فيه «العلاّمة» فلا ولا إلى ما ترجم به هو نفسه أيضا، فإن ترجمته لنفسه تشعر بعلم كبير و (. . .) غزير، يكذّبه في ذلك وقوف من لم يره على ما وضعه وصنّفه، ويكشف زيفه. ووقع له مرة عند نائب جدة في مجلس حضره العلاّمة البدر بن العيني، بحيث قال للبدر: ألا أسمعك شيئا غريبا. فقال له البدر: أجل. (فذكر أمرا وفيه) ويقال له أن هذا لفلان وليس هذا لغريب فإنه لي أشهر تواريخ الإسلام وهو [مثل] تاريخ بن خلكان في ترجمة فلان / فما أحسن من يعظّم نفسه وعدّها في الحضيض ولو كان في النهى، فما ظنك بمن هو بغير ذلك! وكان يسلك في تواريخه إطراء من له عنده الغرض، وبالعكس عكسه، وشيء في الكثير من ذلك على غير طريقة الإنصاف، بل أتى بالاعتساف. على أنني بشهادة الله تعالى لا أقول ذلك لغرض لي عنده أو على جهة هضم مقداره، بل أذكر الواقع، وقد نبّهنا في كثير من المواضع في تاريخنا هذا على أشياء من سقطاته وأوهامه وغلطاته وتحامله وغير ذلك، يظهر ذلك لمن تأمّل تاريخنا هذا. وكان كثير الإطراء لنفسه، عريض الدعوى جدا، وكان بينه وبين الوالد محبة وصحبة أكيدة ومودّة زائدة، وذكره في مواضع عديدة من تواريخه بما فيه تعظيمه وإجلاله، وترجمه في تاريخه «المنهل الصافي»، على أنه أتى في ترجمته بكثير من أوهام بل كذب، وكان يعاب بتحيزه إلى بعض بني الدنيا ومداخلته إياهم لا لضرورة كجانبك نائب جدّة وغيره. . وكان بيننا وبينه مودّة ويسير صحبة.
(¬1) انظر عن (ابن القصار المغربي) في: الروض الباسم 4 / ورقة 256 ب.
(¬2) هكذا بالألف بعد الواو. وقد كتبها كثيرا في الروض.
(¬3) الصواب: «وسنة عشر».
(¬4) الصواب: «وبعدها».
(¬5) وقال في الروض: وولي بواهران خطابة جامع البيطار بعناية الشيخ ودام إلى أن مات الشيخ فكان أحد =

الصفحة 417