كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

وكان من أشراف بني كنانة؛ قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطانُ أعمالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُم} 1 الآية. فلما عاين الملائكة ولى هارباً، ولما رجعوا ذكروا ذلك لسراقة، فقال: واللهِ ما علمت بحربكم، حتى بلغتني هزيمتكم2.
وهذا واقعٌ كثيراً، حتى إنه يتصوّر لمن يعظّم شخصاً في صورته، فإذا استغاث به، أتاه، فيظنّ ذلك الشخص أنه شيخه الميت. وقد يقول له: إنه بعض الأنبياء، أو بعض الصحابة الأموات، ويكون هو الشيطان3.
__________
1 سورة الأنفال، الآية 49.
2 انظر: تفسير الطبري 1014. وتفسير ابن كثير 2317. والبداية والنهاية 3258، 280. وزاد المعاد 355.
3 ولشيخ الإسلام رحمه الله تعالى كلام في هذا الموضوع، أذكر بعضه، قال رحمه الله: "ومثل هذا يجري كثيراً لكثير من المشركين والنصارى، وكثير من المسلمين، ويرى أحدهم شيخاً، يُحسن به الظنّ، ويقول أنا الشيخ فلان، ويكون شيطاناً. وأعرف من هذا شيئاً كثيراً، وأعرف غير واحد ممن يستغيث ببعض الشيوخ الغائبين والموتى، يراه قد أتاه في اليقظة وأعانه. وقد جرى مثل هذا لي ولغيري ممن أعرفه، وذكر غير واحد أنه استغاث بي في بلاد بعيدة، وأنه رآني قد جئتُه. ومنهم من قال: رأيتُك راكباً بلباسك وصورتك. ومنهم من قال: رأيتك على جبل. ومنهم من قال غير ذلك. فأخبرتهم أني لم أغثهم، وإنما ذلك شيطان تصور بصورتي ليُضلّهم لما أشركوا بالله ودعوا غير الله. وكذلك غير واحد ممن أعرفه من أصحابنا استغاث به بعض من يُحسن به الظن، فرآه قد جاءه وقضى حاجته. قال صاحبي: وأنا لا أعلم بذلك". الجواب الصحيح 2321-322. وانظر: المصدر نفسه: 2324، 3348. وجامع الرسائل1195. والرد على المنطقيين ص 105-106. ومجموع الفتاوى 11664، 1379، 84، 92، 17456-458، 1947.

الصفحة 1054